الهشاشة والانزلاق الغضروفي عدوا العمود الفقري

01:19 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يتكون العمود الفقري في جسم الإنسان من 33 فقرة تقريباً، تفصلها أقراص مرنة لامتصاص الصدمات، ويمتد من قاعدة الجمجمة إلى الحوض، على شكل سلسلة من الفقرات تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، لكل منها بنية فقارية مختلفة وهي العنقية والظهرية والقطنية، وتتمثل وظيفته في حماية النخاع الشوكي، كما يعمل كدعامة لتحقيق توازن وهيكلة الجسم؛ إذ يساعد في الوقوف بشكل مستقيم وفي توفير المرونة الضرورية للحركة، ولذلك فهو عرضة للعديد من المشكلات المرضية التي تصيب مختلف أجزائه، أبرزها الانزلاق الغضروفي، والتهاب المفاصل، وهشاشة العظام وكسور الفقرات وغيرها، إضافة إلى العادات الخاطئة في الجلوس والوقوف والإجهاد أو ممارسة التمارين الشاقة التي يمكن أن تتسبب في حدوث خلل في ترتيب الفقرات وبروزها خارج موضعها، وتمزق الأربطة التي تربط بينهما.
وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والأخصائيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً، وكيفية الوقاية والعلاج.
يقول الدكتور زيد العبيدي استشاري أمراض العظام، إن العمود الفقري هو مجموعة من العظام الرابطة بين الأطراف العليا والسفلى، وانتقال الأعصاب الحسية والحركية، وكل النخاع الشوكي عن طريق التجويف الموجود فيه، وتثبت المنطقة الممتدة من الرقبة حتى الحوض، وإتاحة المجال للرئة والقلب والأحشاء الداخلية لأداء وظيفتها، ولذلك فإن العمود الفقري يعد من أكثر المناطق الحساسة في الجسم، وتهدد إصاباته الأشخاص في جميع المراحل العمرية.


عادات خاطئة


يوضح د. زيد أن هناك العديد من الإصابات التي تستهدف العمود الفقري، منها الالتهابات التي يرافقها تجمع قيح في المكان المصاب، أو الإصابة باعوجاج أوتشوهات منذ الولادة، أو الخشونة في المفاصل بين العمود الفقري، وانزلاق الغضروف الذي يضغط على الأعصاب، إضافة إلى بعض المشكلات تظهر نتيجة العادات الخاطئة كآلام أسفل الظهر التي تنجم عن عدم ممارسة التمارين الخاصة بتقوية عضلات العمود الفقري، ونقص تناول فيتامينات تقوية العظام، وزيادة الوزن المفرطة، والجلوس المكتبي لفترات طويلة، كما أن العمل خلال هذه الفترة من المنزل نتيجة وباء «كوفيد ـ 19»، له سلبيات كثيرة، تؤثر بشكل مباشر في العمود الفقري وتؤدي إلى زيادة الوزن وضعف العضلات.


الانزلاق الغضروفي


يذكر الدكتور عطالله الرفاعي متخصص في جراحة العظام والطب الرياضي، أن الانزلاق الغضروفي هو أهم أسباب آلام أسفل الظهر، حيث إن الغضاريف الموجود في هذه المنطقة مرنة، ومسؤوليتها حماية وامتصاص الصدمات المختلفة عن الفقرات نفسها، ولذلك فهي عرضة للإصابة، وفي بعض الحالات يخرج الغضروف عن مكانه، وأحياناً ينزلق بشكل بسيط، أو يتمزق بالكامل، ما ينجم عنه الضغط على الأعصاب المنتشرة والمحيطة والمتجه إلى الأطراف كاليدين أو القدمين، وهناك عدة عوامل أخرى منها:

* البدانة التي تؤدي إلى زيادة الضغط على الغضاريف، وبالتالي تمزقها أو انزلاقها.
* الحركات الخاطئة في الجلوس أو الوقوف، وممارسة بعض التمارين المجهدة كحمل الأوزان.
* التقدم في العمر وإصابات الحوادث.
* قلة المشي والحركة تؤدي إلى ضعف العضلات.


تخفيف الألم


يشير د.عطالله إلى أن تشخيص الانزلاق الغضروفي يتم عن طريق الكشف السريري وإجراء الأشعة لتحديد درجة الإصابة، ويبدأ العلاج بالأدوية التي تستخدم في الحالات البسيطة والمتوسطة، كمضادات الالتهاب التي تلعب دوراً كبيراً في تخفيف الألم، والحد من تفاقم الحالة وظهور المضاعفات. أما الحالات المتقدمة فيتم علاجها بالإجراءات التداخلية عن طريق الحقن الموضوعية داخل الظهر لتسكين الألم، ويستمر عليها المريض لعدة أشهر وتصل إلى سنتين. أما المراحل المتأخرة فهي تحتاج إلى التدخل الجراحي، في حال عدم الاستجابة للعلاج خلال 8 أسابيع، وتستمر الغضاريف المنزلقة تؤثر في العضلات، وتؤدي إلى ضعفها، وتتم هذه العملية بإزالة الجزء التالف المنزلق من الغضروف.
يضيف: «ننصح بممارسة الرياضة يومياً نصف ساعة لتجنب الانزلاق الغضروفي وتخفيف الوزن، والمحافظة على تناول الطعام الصحي لبناء المفاصل، إضافة إلى ضرورة التعرض للشمس يومياً لمدة 20 دقيقة للحفاظ على صحة العظام».


هشاشة العظام


يوضح الدكتور وليد مجد متخصص في جراحة العظام والمفاصل والعمود الفقري، أن هشاشة العظام هو ضعفها ورقتها، ويستهدف على الأكثر العمود الفقري والورك، وتعد من المشكلات المرضية الأكثر انتشاراً بين السيدات بعد انقطاع الطمث، نتيجة تغيرات مستويات هرمون الأستروجين، كما تحدث بشكل عام بسبب التقدم في السن، وبعض العادات اليومية الخاطئة مثل التدخين والغذاء غير الصحي، وقلة ممارسة الرياضة، ما يعرض المرضى للألم المستمر والكسور، والعديد من المضاعفات التي يمكن أن تحتاج إلى التدخل الجراحي.


أعراض الإصابة


لا تظهر عادة أعراض هشاشة العظام في العمود الفقري خلال المراحل المبكرة من فقدان العظم، ولكن بمجرد حدوث ضعف العظام، يبدأ الشعور بآلام الظهر الناجمة عن كسر الفقرات العظمية، وكذلك الرقبة بسبب الضغط على الأعصاب، ويتم تشخيص الحالة عن طريق تقييم الطبيب والأشعة السينية، واختبارات كثافة العظام.


أسلوب حياة


يؤكد د. وليد أن اتباع أسلوب الحياة الصحي هو أفضل وسيلة للحد من الإصابة بهشاشة العظام وتطورها، ومن العوامل الأساسية للحفاظ على صحتها، الحصول على كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين «د» عن طريق الأغذية الغنية به، والتعرض لأشعة الشمس والمكملات الغذائية، وكذلك ممارسة التمارين بانتظام، حيث إنها تقوي العظام وتقلل من احتمالية حدوث الكسور فيها، إضافة إلى الامتناع عن التدخين وشرب الكحول وتقليل الكافين.


تدابير علاجية


يشير د. وليد إلى أن هشاشة العظام في العمود الفقري تحتاج استخدام الأدوية الطبية لتجنب تطور المرض، وربما تكون على شكل حبوب، أو تؤخذ عن طريق الحقن، وكذلك العلاجات الدوائية التي تسهم في إنتاج العظم من خلال تنظيم عمليات الأيض الخاصة بمعدلات الكالسيوم، أو الأنواع التي تعمل على توقف عملية فقدان العظم، وكذلك عقاقير الأجسام المضادة أحادية النسيلة والعلاج المتعلق بالهرمونات، وبناء العظام. وتعتمد توصيات العلاج على تقدير خطورة تعرض المصاب لكسر في العظام خلال الأعوام العشرة من بداية الإصابة، من خلال معلومات مثل اختبار كثافة العظام.


نصائح وقائية


يذكر د. وليد أن الحالات الأقل خطورة يمكن ألا تتضمن خطة علاجها أي أدوية، ويركز عوضاً عن ذلك، على تعديل عوامل تفاقم الأعراض وتطور المضاعفات وعدم التعرض لفقدان العظام والسقوط، حيث إن كسور الفقرات الناجمة عن هشاشة العظام (الكسور الانضغاطية) من أبرز التحديات المرتبطة بهذا المرض، وفي الحالات المتوسطة يُوصى بالراحة في السرير وتناول المسكنات، والأدوية الداعمة للعمود الفقري، وفي بعض الأحيان تكون الجراحة الخيار الوحيد لعلاج الآلام المبرحة التي تنتج عن هذه الكسور.


الرنين المغناطيسي


يعتبر التصوير بالرنين المغناطيسي من أهم الآليات الدقيقة المستخدمة في تشخيص المشكلات المرضية، من خلال إنتاج صور لهياكل الجسم بالأشعة المغناطيسية، حيث يتم إدخال المريض في أنبوب يحيط به مغناطيس دائري ضخم، وتتراص بروتونات الهيدروجين في الجسم، ثم تدور بعد تعرضها للموجات الراديوية ويلتقط الماسح الصور الشعاعية اللازمة، ويلجأ الطبيب للرنين المغناطيسي للكشف عن العديد من الأمراض كإصابات المفاصل والعمود الفقري والركبة والكتف، وفحص سرطان الثدي، وأمراض القلب والدماغ والحبل الشوكي، والأورام الليفية وتليف الكبد وغيرها. وبالمقابل ربما تشكل هذه الأشعة خطراً على بعض الأشخاص وتؤثر في سلامتهم، خاصة من لديهم أجزاء معدنية في أجسامهم كالأطراف الصناعية أو وجود شظايا معدنية، والنساء الحوامل، ومن يستخدمون جهاز تنظيم القلب بشكل دائم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"