مهرة مخادعة

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
«ب» إعلامي خليجي يبلغ من العمر 48 عاماً، يعيش في دولة خليجية ويتمتع بطيب السمعة وله مركز مرموق حيث يشغل منصب مدير إحدى القنوات الهامة في بلاده، وهو متزوج من إحدى بنات عمومته وله منها ثلاثة أولاد: بنتان وولد ومضى على زواجهما 26 عاماً، حيث تزوج صغيراً ليعف نفسه ويستقر نفسياً واجتماعياً عملاً بنصيحة والده الذي اختار له زوجته الجميلة من دون كل من يعرفهم، والتي عرفت بدماثة الخلق والروح الخفيفة المرحة، لكن الزوجين عانيا في الفترة الأخيرة بعض الملل والفتور في العلاقة الزوجية، خاصة بعدما كبر الأولاد وتزوجوا جميعاً، ولا يزال «ب» يتمتع بلياقته كاملة وملامح وجهه التي لا يظهر عليها الكبر بمرور الوقت، ويلتف حوله عشرات الأشخاص من الجنسين ممن يخطبون وده.
كان «ب» من محبي الاطلاع وشغوفاً بمعرفة الجديد في كل شيء كإعلامي متميز، وفي إحدى مناقشاته مع أحد أصدقائه تطرقا للحديث عن برامج وتطبيقات الإنترنت التي يمكنك من خلالها إجراء محادثات هاتفية ومرئية مع أصدقاء جدد من كل أنحاء العالم.
انتهت المناقشة وقرر «ب» أن يخوض التجربة ويحمل أحد هذه التطبيقات، للتعارف مع أناس وأصدقاء جدد حتى لو عبر الإنترنت الذي سهل وقرب المسافات بين الأشخاص، فلعله يجد ما يخرجه من الضيق الذي يشعر به بين الحين والآخر والملل في حياته الزوجية، وأنشأ حساباً على ذلك التطبيق وعرف بنفسه عليه متخذاً اسم «إعلامي عاشق»، وبدأ في البحث عن أصدقاء حتى صادفته فتاة عربية في العقد الثالث من عمرها أخذته بجمال صورتها التي نشرتها على حسابها على التطبيق نفسه، وسمت نفسها «مهرة» وتبادلا طلبات الصداقة وبدأ التعارف بينهما وحدث بينهما انجذاب منذ اللحظات الأولى. سرعان ما حاولت «مهرة» إيقاع «ب» في شباك هواها، فأرسلت له فيديو مسجلاً لها وهي تتجول في شقتها التي استأجرتها في الدولة نفسها التي يعيش فيها، وأخبرته بأنها تقيم في الإمارات لكنها تمضي بضعة أيام في بلده ولا مانع لديها من أن يقابلها في شقته، وكان هذا بمثابة الطعم الذي ابتلعه «ب» فوافق على الفور، وهو لا يدري ماذا خبأ له القدر من مصائب نتيجة معرفة تلك ال «مهرة».
وجهت «مهرة» الدعوة إلى «ب» في شقتها على غير المتفق عليه، وفي المكان والزمان المحددين التقيا، وتبادلا عبارات الترحاب، ثم تناولا العشاء في أضواء تعمدت «مهرة» أن تكون رومانسية خافتة ليقع معها في الخطيئة، وانتهت السهرة وغادر «ب» شقة «مهرة» على وعد بلقاء آخر، ولا يدري ماذا رتبت له من شراك سيكلفه الكثير من وقته وسمعته واستقراره.
مر يومان بعد يوم اللقاء وجاءه إشعار برسالة من حساب «مهرة» على التطبيق الذي تعارفا عبره فتهللت أساريره، غير أنه لما فتح الرسالة لم يجد كلاماً بل وجد بعض الصور المخلة التي استطاعت بخفتها التقاطها له، وعندما سألها «ب» عن تلك الصور وتخيل أنها تحب أن تشاركه تذكر تلك اللحظات، فوجئ بها تبتزه بوقاحة لم يتوقعها.
- عندي من نوعية هذه الصور عشرات.. إذا تحب أرسلها لكل من تعرف أو تدفع لي مليوني درهم؟
نزلت الرسالة عليه كالصاعقة ولم يصدق ما قرأ، فاتصل بها فوراً ليتأكد من جديتها فأكدت له بكل جرأة ووقاحة أنها لم تكن لتعرفه من أجل سواد عينيه بل من أجل المال، واستغرق «ب» بعض الوقت حتى قرر أن يبلغ الشرطة التي حققت في الموضوع ونسقت مع الجهات الأمنية في الإمارات حتى تم القبض على الفتاة «مهرة» ومحاكمتها والحكم عليها بالحبس 6 أشهر وإبعادها عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة.