طه الفرنواني: الدول العربية في موقف الدفاع دائما

تنازل عن حقوق “خبايا وأسرار التطرف الصهيوني” لمصلحة الشهداء
12:37 مساء
قراءة 5 دقائق

السفير طه الفرنواني، رجل دبلوماسي من طراز رفيع، تولى رئاسة اللجنة المصرية لشؤون فلسطين بوزارة الخارجية المصرية قرابة 35 عاماً وهو مشغول بالصراعات الدولية عامة والصراع العربي الإسرائيلي بصفة خاصة، انطلاقا من المستندات والوثائق ويتبدى ذلك من خلال مؤلفاته مثل: الصراع العربي الإسرائيلي في ضمير دبلوماسي مصري، التكامل الاقتصادي العربي، الأمة العربية في مواجهة التطرف الصهيوني، خبايا وأسرار التطرف الصهيوني، التقيناه وكان هذا الحوار:

صدر لك حديثا كتاب خبايا وأسرار التطرف الصهيوني فهل يعد الكتاب استكمالا للكتب السابقة في مجال الصراع العربي الإسرائيلي؟

الكتاب استكمال لما سبق أن نشرته بالصحف أو الكتب أو الأحاديث، لكن كان هناك تركيز في هذا الكتاب على التطرف الصهيوني باعتبار أن هذا التطرف هو الوباء الرئيسي فيما يحدث بالنسبة للشعبين الفلسطيني والعربي جراء اعتداءات الكيان الصهيوني. وحرصت على نشر الكتاب بالهيئة العامة للكتاب، ليكون سعره في متناول القارئ البسيط، وتنازلت عن حقوق النشر لمصلحة شهداء التطرف الصهيوني.

ما دور هذا الكيان الصهيوني في بث الفرقة في منطقة الشرق الأوسط ومحاولة تدمير مستقبلها؟

كل الأزمات التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط يقف وراءها التطرف الصهيوني، والصراع ليس محصورا بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنما بين الشعب العربي وقادة التطرف الصهيوني وقد نزحت أعداد كبيرة منهم قادمة من الاتحاد السوفييتي السابق مدعين أنهم يهود وصهاينة، والكثير منهم لا ينتمون إلى الديانة اليهودية ونجحوا في استغلال المحرقة من اجل استدراج القيادات الأمريكية والغربية لمساندة إسرائيل الصهيونية ومواجهة هذا التطرف الصهيوني أصعب من مواجهة إسرائيل، لأننا إذا استطعنا تدمير هذا التطرف فمعنى ذلك تدمير فكرة التوسع الإسرائيلي الصهيوني على حساب الأمة العربية.

ما الأخطاء التي ارتكبها العرب خلال إدارتهم لهذا الصراع؟

بالفعل هناك أخطاء ولكن ليس صحيحا ما تردد من أن العرب أضاعوا فرصاً كثيرة لم يغتنموها في حل هذا الصراع، فالمستندات ووقائع التاريخ تؤكد أن التطرف الصهيوني هو الذي أملى على المجتمع العربي وأمريكا والغرب الأوروبي فكره وتطرفه، بدليل فشل الأمة العربية في منع إنشاء إسرائيل بموجب وعد بلفور ،1917 والغريب أن بلفور لم يكن صهيونياً ولكن فكرته كانت تهدف إلى إلغاء الوجود اليهودي في الدول الأوروبية، وزرع تكتل بشري غريب في المنطقة العربية لتكون فاصلا بين المشرق والمغرب العربي، وتكون تحت الحماية الغربية، ولو استعرضنا التاريخ لوجدنا أن حروب 1947 و1948 و1956 و،1967 والاعتداء على لبنان كان بدعم القيادات الأمريكية والغربية وقد اعترف بن جوريون بأن مذابح دير ياسين ،1947 في حق الشعب الفلسطيني تعادل ستة ألوية.

وليس صحيحاً أن العرب تهاونوا أو رفضوا فكرة التقسيم وهذه فرصة أضاعوها طبقا للقرار 181 لسنة ،1947 فالمستندات والوثائق تثبت أن قرار التقسيم قد فرض على الأمة العربية بدعم من التطرف الصهيوني، ومساندة أمريكا وروسيا، والغرب للتخلص من اليهود في بلادهم، ولا يمكن تصور أن يقبل قائد عربي بالتنازل عن جزء من أرض فلسطين لمصلحة الكيان الصهيوني.

كما أن قرار التقسيم يخالف مبادئ الأمم المتحدة التي تقر حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولم يحدث استفتاء للشعب الفلسطيني الذي كان تعداد سكانه أضعاف أضعاف الشعب الإسرائيلي، وعندما حاول الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت أن يعدل في قرار التقسيم قام شارون واثنان من مساعديه باغتياله في القدس.

وعندما قدم رابين تنازلات شكلية للفلسطينيين لمصلحة إسرائيل قام التطرف الصهيوني باغتياله، وطالما أن هذا التطرف الصهيوني موجود فلن يكون هناك سلام بين العرب وإسرائيل.

والصراع الموجود حاليا هو امتداد للصراع السابق منذ ،1897 الذي شهد ظهور النظرية الصهيونية بهدف إحلال اليهود محل العرب في فلسطين والتوسع الصهيوني على حساب الأراضي العربية، وهذا الصراع سيستمر طالما أن التطرف الصهيوني مازال مسيطرا على الحكم في إسرائيل.

ما الفرق بين التطرف الصهيوني والتطرف النازي؟

فيما يتعلق بالتطرف النازي، اليهود هم الذين ساندوا هتلر في الوصول إلى الحكم، وعندما وصل إلى الحكم حاول الصهاينة السيطرة عليه فرفض ذلك بشدة، ووضع مقاييس جديدة بالنسبة للأجناس، وقام باغتيال العديد من اليهود المعارضين، والذين حاولوا تدمير ألمانيا اقتصاديا وانتهى أمره بالانتحار. والأمة العربية احتضنت اليهود الفارين من التطرف النازي في تونس والجزائر والمغرب ومصر ومن قبله التطرف المسيحي ضد حكام الأندلس.

أما التطرف الصهيوني فيهدف إلى إقامة الدولة اليهودية الصهيونية وغرس قوة بشرية صهيونية دخيلة على هذه المنطقة مرتبطة بمبادئ توسعية، ليصبح هذا الكيان قاعدة لخدمة الدول الاستعمارية ومركزا لسيطرة التطرف الصهيوني على العالم كله.

وكان التركيز على تهجير يهود أوروبا لأرض فلسطين العربية بحجة تعويضهم عن سلبية قادة أوروبا وأمريكا في التراخي عن حماية الشعب اليهودي في أوروبا واسترضاء لقادة التطرف الصهيوني ليتناسوا هذه المذابح.

الدكتور عبد الوهاب المسيري ذكر في موسوعته عن اليهود أنهم ليسوا شعباً وإنما هم جماعات هل توافق؟

نعم أوافق، اليهود منذ عصر النبوة كانوا طائفة، ولا يوجد شعب يهودي أو مسيحي أو مسلم وإنما هناك يهود ومسلمون ومسيحيون وليست هناك شعوب بدليل أن معظم اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل أساسا لم ينتموا إلى الديانة اليهودية التي اتخذوها ستارا للخروج من الاتحاد السوفييتي، ولكن لم يطل بهم المقام في إسرائيل وعادوا إليه مرة أخرى.

قلت إن المقاومة هي السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإعلان الدولة الفلسطينية فهل تؤمن بمقولة ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة؟

بالتأكيد عندما قال عبدالناصر هذه المقولة، كان على قناعة تامة بهذا المبدأ، فهو أستاذ استراتيجية عسكرية وقائد أركان حرب قبل ذلك، وقائد ثورة عظيمة وأستاذ تاريخ عسكري، والتاريخ العسكري يؤكد أن القوة ليست هي الحرب ولكنها المقاومة، فالدول العربية لم تقم بأي هجوم على إسرائيل، وإنما كانت في موقف الدفاع دائما حتى حزب الله في الحرب اللبنانية الأخيرة كان مدافعا.

لماذا قدمت استقالتك كرئيس لجنة شؤون فلسطين بوزارة الخارجية المصرية؟

لشعوري بأن هناك ضغوطا صهيونية على مصر لمصلحة الكيان الصهيوني، ووجدت أن إنهاء عملي كرئيس إدارة فلسطين يباعد بين تحقيق هذه الأغراض الصهيونية ضد مصالح الأمة العربية.

والغريب أن كل الحركات التي عملت معها حصلت على التحرير في الجزائر وتونس وليبيا وقبرص ماعدا فلسطين.

وهدف الوحدة العربية مازال يسيطر عليّ، ويجب أن نقف جميعاً صفاً واحداً في مواجهة التطرف الصهيوني وعدم تقديم أي تنازلات وتدعيم المقاومة وترشيد المقاطعة العربية.

أنت رجل دبلوماسي، هل أجبت عن أسئلتنا بصدق أم بدبلوماسية؟

بصدق كامل ولو كنت أتكلم بالدبلوماسية لم أكن لأقول لك هذا الكلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"