“يورانيوم الإعلام”حرب من نوع خاص

اختار العراق كنموذج لبحثه
12:36 مساء
قراءة 3 دقائق

صدر عن المكتب المصري للمطبوعات بالقاهرة، كتاب يورانيوم الاعلام، حروب الأعصاب بالتقنيات الرقمية، تأليف د. ياس خضير البياتي، ويقع في مائتين وثمان وتسعين صفحة من القطع المتوسط.

قسم الباحث كتابه الى ثلاثة ابواب جاءت تحت العناوين التالية: الإعلام والعصر الرقمي، العرب تحت احتلال الإعلام الدولي، تخصيب الإعلام، العراق نموذجاً.

يذكر المؤلف في مقدمته أن العالم ينتج كل دقيقتين تقنيات جديدة، ومن بينها التقنيات الاعلامية الرقمية، حيث ساعدت الأقوياء، عسكرياً، واقتصادياً، ومعلوماتياً وتكنولوجياً، على تضليل عقول شعوبهم، ومسح ذاكرتهم الانسانية.

وقسم المؤلف الباب الأول الاعلام والعصر الرقمي الى ثلاثة فصول، جاء في الأول منها تحت عنوان عصر المجتمعات الرقمية، استعرض خلالها تاريخ تطور الاتصال الجماهيري في اوروبا والعالم.

والثورة الاتصالية بعد اختراع المطبعة، وبدء الصحافة المكتوبة، ورصد أول وسيلة جماهيرية حقيقية في منتصف ثلاثينات القرن التاسع عشر في نيويورك، حيث استطاعت ان تحقق نجاحاً كبيراً في الانتشار بسبب تقنيات الطباعة السريعة.

وتحت عنوان مجتمع الغد والظاهرة الرقمية يقول المؤلف: منذ عقدين من الزمن، تحول العالم من مجتمعات مبنية على المواد الأولية والاستخراجية الى مجتمعات صناعية أو زراعية أو فلاحية وحديثة بلغة الفلاسفة الى مجتمعات مبنية على الانتاج المعرفي، وانتاج المعطيات والبيانات.

وفي الفصل الثالث يتحدث المؤلف عن العولمة الاعلامية والمتحكمون في العقول، حيث يعد العالم الكندي مارشال ماكلوهان أول من اشار الى مصطلح الكوننة أول العولمة، عندما صاغ في نهاية الستينات مفهوم القرية الكونية.

ويأتي الباب الثاني تحت عنوان العرب تحت احتلال الاعلام، حيث يرى ان المنطقة العربية تتعرض لهجوم منظم من الغرب، عسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً، واعلامياً، واختلفت الاساليب وتعددت في ضوء المتغيرات السياسية والمكانية والزمانية، وان ظل المضمون الاستعماري واحداً يحقق أهدافه ضمن عمليات اختراق حادة لجبهات الحياة.

ويرصد مظاهر الغزو في: التدفق الاخباري الدولي للوطن العربي، البرامج والافلام المستوردة، والاذاعات الدولية، والاعلان الدولي، تكنولوجيا الاتصال والاعلام، الانترنت.

ويحذر المؤلف من محنة الشباب العربي وسلطة الصورة، حيث يعتمد الاعلام الغربي على ترسيخ ثقافة الخرافات، وإثارة الانفعالات، والتركيز على الأشياء الثانوية، والتحكم بوعي الانسان عن طريق صرف الجمهور عن المدخل العقلي المنطقي النقدي للحياة، والاعتماد على الأساليب السيكولوجية كالايحاء والاثارة في المضمون الاعلامي.

وفي الباب الثالث تخصيب اليورانيوم.. تخصيب الاعلام يتخذ المؤلف من العراق نموذجاً لما يحدث، حيث شن الجهاز الدعائي الأمريكي حملة منظمة ضد العراق منذ 2 اغسطس/آب 1990م، ارتكزت على تقاليد قديمة أهمها: بروز المفهوم النازي بوصفها نصف حرب، واستعمال نظرية الرعب النفسي في الرسالة الدعائية، افتعال الاحداث وتشويهها وطمس الحقائق، التركيز على الخلفية النفسية في وعي الناس.

وتشير مادلين اولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في كتابها القوى والخالق الصادر عام ،2006 الى أن الادارة الأمريكية كانت حريصة على تسويق فكرة الأسلحة التدميرية، والتأكيد على منطق الخطر المتزايد، لترسيخ فكرة أن العراق يمتلك اسطولاً من معامل الأسلحة البيولوجية المتنقلة.

وقبل تسعة ايام من بداية الحرب على العراق، اطلقت وزارة الدفاع الأمريكية، قمراً صناعياً وزنه طن، لتسريع الاتصالات بين مسؤولي البنتاجون والقادة العسكريين الميدانيين، وكانت مهمته تزويد الصواريخ بشبكة من الاتصالات والمعلومات والنشرات الجوية وتحديد الاهداف وتقدير الخسائر، كما وظف الجيش الأمريكي شبكات الأقمار الصناعية المدنية في الحرب لاستخدامها في الاتصالات العسكرية، وتبادل المكالمات بين الجنود وعائلاتهم. واستخدمت أمريكا لأول مرة قنبلة المايكرويف في حرب العراق، لشل الرادارات والكمبيوترات وتدميرها بالبنادق الشعاعية.

وعند احتلال بغداد تمت فبركة مشهد سقوط تمثال صدام بين قناة CNN، والقوات الأمريكية على الهواء مباشرة، حيث تم احضار عدد من الاشخاص للقيام بإسقاط التمثال، بهدف تكريس الصورة في ذهن المواطن الأمريكي والغربي، بأن أمريكا جاءت بالفعل لتحرير العراق من صدام حسين، للترويج اعلامياً لعملية تحرير العراق.

ومنذ اليوم الأول للاحتلال، شهد العراق غزواً اعلامياً مبرمجاً، تمثل بإطلاق قناة فضائية أمريكية باللغة العربية، تعمل من خلال تكنولوجيا فضائية متطورة عبر الأقمار الصناعية فوق مدينة بغداد، وحق للجميع من دون استثناء اصدار الصحف وإنشاء القنوات الفضائية والاذاعات دون ترخيص، لا سيما بعد أن اصدر الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر يوم 23/4/،2004 قراراً بحل وزارة الاعلام، وتسريح الموظفين فيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"