..وأيضاً الفضائيات اللبنـانيــة تنتفـض

عين على الفضائيات
01:51 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم


المشهد وطني بامتياز، والمشهد إعلامي بامتياز. لافت ما نشاهده على الشاشات؛ لبنان ينتفض وغالبية القنوات تنقل نبض الشارع وتنتفض بدورها، لتكون لسان الناس وصورتهم التي تصل كما هي بلا تحريف أو تزييف. طبعاً هناك من يتعمد إخفاء الحقيقة، لكنه يعرّي نفسه أمام العالم ويكشف عدم مهنيته وموضوعيته وتعصبه الأعمى، والذي يجنح نحو التضليل بطبيعة الحال.
لأول مرة يكون للشعب اللبناني صورة واحدة وعلم واحد وصوت واحد، يملأ الساحات فرحاً وانتصاراً للحياة والكرامة والمستقبل، ولأول مرة تتحد وسائل إعلامية واضعة أي انتماء جانباً، ليكون الانتماء الأول للوطن.
مؤثر ما نراه ونعيشه وكأننا في قلب الحدث، والتأثير بلغ مداه فلفت وسائل الإعلام الغربية، وحثها على الكتابة عن المظاهرات الفريدة من نوعها بكل ما فيها من رقي وفرح مغمّس بالوجع المزمن.
ولأول مرة يكون المواطن اللبناني هو المحرِّك للشاشة، هو المحلِّل للأحداث والمتحدث على مدار الساعة، هو الناطق الرسمي باسم حركته ووجعه ومستقبله. مع كل حدث سياسي وأمني أو تحرك شعبي في أي بلد عربي، تمتلئ الشاشات بالمحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين، نرى وجوههم على كل المحطات ولا نسمع سوى أصواتهم، بينما يمر الشارع ونبضه في الخلفية فقط. هذه المرة، لا وجود إلا للناس، صغاراً وكباراً، شيباً وشباباً، هم أسياد الميكروفون، كلامهم واضح وتحليلهم لما حصل وسيحصل وللمستقبل هو تحليل العارف بكل تفاصيل الأمور وخباياها.
المراسلون في مختلف المناطق، والمذيعون في الاستوديوهات والتفاف الناس في الساحات والشوارع، الفنانون معهم منذ اليوم الأول.. مشهد مكتمل رائع، رسالة واضحة ونموذج مشرّف يقدمه اللبنانيون اليوم.
تحية إكبار لهذا الشعب، ولتلك الوسائل الإعلامية وجنودها العاملين ليل نهار بضمير، وللفنانين الذين انتفضوا ونزلوا إلى الشوارع للتظاهر لا للمظاهر، خصوصاً أن مجموعة منهم توجهت إلى التلفزيون الرسمي للدولة اعتراضاً على صمته وتجاهله لما يحصل في لبنان، وعدم نقله صوت الناس، الذين يمثلهم أو هكذا مفروض!
دائماً تفرز المواقف الوطنية الحقيقية والمواقف السياسية صفوف الفنانين، فتكشف الأقنعة، ويسقط بعضهم من عيون الناس. لم يتوقع أحد أن تصمت فنانة «ماجدة» لطالما تباهت «بغيرتها» على لبنان وبرفضها لسيطرة السياسيين وزعماء الطوائف، مصدِّرة شعارات رنانة تبهر جمهورها، متباهية بآرائها حول الوضع في العالم العربي، متحدثة دائماً باسم «المقهورين» كما تقول، وحين دق النفير ونزل المقهورون إلى الشارع، تراجعت هي واختفت ولم تشاركهم ولو بتعليق على أي صفحة أو موقع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"