التدخلات الأجنبية في الانتخابات الأمريكية

23:37 مساء
قراءة 3 دقائق
لوزا

لورا روزنبيرجر *

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتصفح الأمريكيون مرة أخرى مواجيز الأخبار المليئة بالقصص حول التدخلات الأجنبية التي تسعى إلى تقويض العملية الانتخابية في بلادهم. وتثير بعض التقارير تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقوم بتسييس هذه المخاوف، حيث شكك الرئيس نفسه في نزاهة الانتخابات. 

 والنبأ السار هو أن الولايات المتحدة مستعدة بشكل أفضل لمواجهة العديد من هذه التهديدات مما كان عليه الأمر قبل أربع سنوات، حيث واجه مجتمع الاستخبارات والشركات الخاصة والباحثون المستقلون محاولات التدخل باكتشافها مبكراً واعتراضها، وتصرفوا بشكل ممتاز لتأمين البنية التحتية للانتخابات الأمريكية. إلا أن على الأمريكيين الاستعداد بشكل جيد لتدخلات الجهات الأجنبية في الأيام والأسابيع التي تلي يوم الانتخابات، عندما تكون البلاد أكثر عرضة للمخاطر. 

 ومثل هذا السيناريو له سابقة، حيث تدخلت روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016، وفقاً لتقييم مجتمع الاستخبارات في يناير 2017، ليس فقط لإيذاء أحد المرشحين ومساعدة الآخر فحسب، بل لتقويض ثقة الجمهور في العملية الديمقراطية الأمريكية. ولهذه الغاية، فإنه في حال فازت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، فإن المسؤولين الروس كانوا على استعداد للتشكيك علناً في صحة النتائج، من خلال البيانات والحملات على مواقع التواصل الاجتماعي. وعوضاً عن ذلك، أعلن انتصار ترامب، وغيّرت موسكو من موقفها للاستفادة من الجمهور الأمريكي المنقسم والغاضب في بعض الأوساط. 

 وبالفعل، زادت وكالة أبحاث الإنترنت الروسية، وهي شركة مرتبطة بالكرملين تنفذ عمليات تأثير عبر الإنترنت من أجل المصالح التجارية والسياسية الروسية، نشاطها يوم الانتخابات في عام 2016، وفقاً لتقرير من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وأنشطتها لم تقتصر على الإنترنت فحسب، بل نظم عملاؤها مسيرات دعماً للرئيس دونالد ترامب، ومسيرات أخرى تحتج عليه. واستقطبت إحدى تلك المسيرات نحو 10 آلاف شخص، وكانت مظاهرة في مانهاتن تحت شعار «ترامب ليس رئيسي». 

 وقد تكون انتخابات هذا العام الولايات المتحدة أكثر عرضة لمثل هذه التلاعبات. وقد تم تحضير الأمريكيين، بما فيهم الرئيس نفسه، للتشكيك في نتيجة الانتخابات. ونتيجة لذلك، قد يكون المجتمع الأمريكي أكثر عرضة للمحاولات الخارجية لبث الشكوك حول نزاهة العملية الديمقراطية. وعبر الاستعداد لهذا الاحتمال، يمكن للأمريكيين التأكد من أن هذه الجهود لن تنجح. 

 لقد تطورت التكتيكات الروسية منذ عام 2016، وكذلك قدرة الولايات المتحدة على اكتشافها وإحباطها. وقد أصدرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية تحذيرات بشأن التدخل الأجنبي خلال الدورة الانتخابية لعام 2020 بأكملها. وفي أغسطس /آب الماضي، قال بيل أيفانينا، مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن، إن روسيا سعت بشكل أساسي لتشويه سمعة نائب الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن. وفي وقت لاحق، أوضح كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي أن روسيا كانت نشطة للغاية في تلك الجهود وغيرها من المساعي لزرع الانقسام والخلاف في صفوف الشعب الأمريكي. 

 وفي عام 2020، لم تعد روسيا اللاعب الوحيد الذي يسعى للتأثير في السياسة الأمريكية، حيث دخلت المعركة إيران والصين وجلبتا استراتيجيات ونوايا خاصة بهما.

وفي مؤتمر صحفي عقد على عجل في 21 أكتوبر، أعلن المسؤولون الأمريكيون أن إيران، والتي تتنكر في هيئة جماعة تدعم تفوق العرق الأبيض، أرسلت موجة من رسائل التهديد إلى الناخبين الديمقراطيين في عدة ولايات، كما أعلنوا أن إيران إلى جانب روسيا، قد حصلت على معلومات للناخبين الأمريكيين على الرغم من أن الكثير من هذه المعلومات متاحة للجمهور.

 أما الصين، فلا تهدف إلى التأثير في الانتخابات أو تقويض الثقة بقدر ما تهدف إلى «تشكيل بيئة السياسة في الولايات المتحدة، والضغط على الشخصيات السياسية التي تراها تؤثر في مصالح الصين». 

وبينما تقترب الولايات المتحدة من فترة ربما تكون فوضوية في تاريخ ديمقراطيتها، يجب على الأمريكيين أن يتذكروا قبل كل شيء أن الهدف من التدخل الأجنبي هو جعلهم يفقدون الثقة بالديمقراطية نفسها، ويجب أن يرفضوا السماح بحدوث ذلك.

* مديرة التحالف من أجل ضمان الديمقراطية، وموظفة سابقة في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأمريكية. (فورين أفيرز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"