مسنّون يعود بهم الزمن

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

في تجربة فريدة من نوعها، قام علماء من جامعة «هارفارد» عام 1989 بأخذ متطوعين تجاوزت أعمارهم سبعين عاماً إلى مُعتزل، وطلبوا منهم أن يعيشوا كما لو أنهم يحيون في سنة 1959، لمدة أسبوع كامل.
كانت البيئة في المعتزل مصممة بشكل يتوافق تماماً مع عام 1959، حيث كانت تُعزف موسيقى ذلك العام، وكانت هناك مجلات تنتمي لتلك الحقبة من الزمن، وارتدى المتطوعون ملابس تناسب الخمسينات، وُعرضت على التلفاز تسجيلات من ذلك العصر. كان المتطوعون أيضاً يتحدثون مع بعضهم البعض كما لو أنهم بالفعل موجودون في سنة 1959، ويناقشون مواضيع ومسائل تناسب ذلك الوقت.
في البداية، قام العلماء بإجراء قياسات فيزيولوجية، منها الطول، والإدراك الفكري، وقوة النظر وغير ذلك. وبعد عشرة أيام من مكوث المتطوعين داخل المعتزل، قاموا بأخذ القياسات مرة ثانية، فاكتشفوا أن المتطوعين أصبحوا أصغر من الناحية الفيزيولوجية بعدة سنوات، من خلال التصرف وكأنهم أصغر فحسب.
لقد أصبحوا أطول، وغدت أصابعهم أطول، وتطورت وظائفهم العقلية وقدراتهم البصرية، حتى إن بعض المتطوعين صاروا أصغر فيزيولوجياً وعقلياً بحوالي 25 سنة.
وأظهر البحث الذي تم إجراؤه، أن الطريقة التي نستخدم بها أدمغتنا، تعد أمراً مهماً للغاية، فعندما نكون أصغر سناً، فإننا نكون منشغلين باستمرار، بالنشاطات الفكرية والبدنية، وكلما تقدمنا في العمر يقل استخدامنا لأدمغتنا شيئاً فشيئاً، إلى جانب تراجع النشاط الجسدي الذي نبذله.
إن العديد من الناس الذين عاشوا حياة صحية سعيدة حتى الثمانينات والتسعينات من أعمارهم، كانوا يتمتعون بنشاط فكري كبير حتى أيامهم الأخيرة. اكتشف بحث جديد في مجال علم الأعصاب، أن أحد أفضل الطرق لتدريب أدمغتنا، هي أن نتعلم لغة جديدة، ولسنا بحاجة إلى أن نتحدث بها بطلاقة أو نزور بلداً معيناً كي نتعلمها، نحتاج فقط أن نستخدم أدمغتنا لتعلمها، كما أشار البحث إلى أن تعلمنا للغة جديدة يقلل من مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر، ويزيد من كفاءة أدمغتنا بصورة كبيرة.
اليوم وفي ظل التطور الكبير في مجال العلم والطب والدراسات النفسية، لم يعد للشيخوخة بمفهومها التقليدي كل تلك السطوة على حياتنا، فلقد أصبحنا ندرك جيداً أن الجسم الإنساني يظل في حالة من التجدد والتطور حتى آخر لحظة في الحياة. وأن التدريب المستمر للعقل والجسد يضمن حياة صحية مديدة.
وعليه، فإن بوسعنا العيش بكامل طاقتنا ونشاطنا حتى آخر الدهر، طالما أننا نتسلح بالعلم والمعرفة، ونؤمن بأن الله تعالى، أعطى أجسادنا قدرات شفائية عظيمة لنحيا بسعادة وعافية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"