الأمم المتحدة وسنة اليوبيل

00:32 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

دخلت الإنسانية مرحلة العالم غير المحدود بعيداً عن حدود الزمان والمكان، العالم الذي يتخذ في منحاه الاقتصادي والاجتماعي وجه ما بعد العولمة، بحيث لا يعود الإنسان كائناً يعيش وحده، وإنما مرتبط بذاتية أخلاقية ترى في معنى الحياة بوجهها الفكري والتوجهات الفكرية والمعاصرة في حقوق الإنسان، من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وأوفر حرية. بعد أن تم رفع الغشاوة عن عوائق النهضة وعوامل قيامها والانفتاح بين كافة أبناء البشر.

 لا شك أن الأمم المتحدة تعمل لبناء الإنسان الحديث، وما من أحد في العالم يستطيع أن يشكك في أهمية وجود منظمة الأمم المتحدة بكل هيئاتها ووكالاتها من أجل خير كل شعوب العالم. فهذه المنظمة الدولية يترسخ وجودها يوماً بعد آخر كصوت للحق، وعون للضعيف، وناصح في زمن الكربة والمرض، والدول فيها سواسية، ولكل دولة احترامها وتقديرها، بغضّ النظر عن بعض المواقف التي تصدر من بعض الدول المهيمنة في العالم.

 ورغم أن هذه المنظمة قد ولدت من رحم مأساة دولية؛ هي الحرب العالمية الثانية، لكنها كانت منذ بدايتها تعبّر عن فكرة الشمولية الدولية، فلم تخضع لأسر دولة واحدة؛ بدليل أن مجلس الأمن، الذي هو الجهة التنفيذية فيها، ليس من طيف دولي واحد، بل إنه متنوع يراعي إلى حد بعيد، الاختلافات الموجودة في العالم.

 وقد استخدم الاتحاد السوفييتي السابق حق النقض «الفيتو» عشرات المرات؛ لإلغاء مشاريع قوانين، كانت تتقدم بها دول غربية للإضرار ببعض الدول الصغيرة والفقيرة. ولم تستطع تلك الدول أن تتجاوز سلطة مجلس الأمن، فتعتدي على الدولة الصغيرة المستهدفة. واليوم يتوسع التمثيل الدولي في هذا المجلس، وأيضاً في الجمعية العامة التي باتت تتبنى قرارات يصعب على أية دولة أن تتجاوزها؛ لأنها تعبّر عن إرادة غالبية دول العالم، مثل القرار رقم 1967 الذي صوتت عليه الجمعية العامة في 29 نوفمبر 2012، والذي رقّى فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو. وأيضاً فقد شهد مجلس الأمن على مدى السنوات التسع الماضية معارك حامية بين الدول الشرقية والدول الغربية التي لم تنجح في تمرير قرارات تستهدف بعض الدول مثل سوريا.

 هذا إن دلّ فإنما يدل على تعاظم الإرادة الدولية الجامعة في مقابل بعض الإرادات الأخرى. وبمناسبة مرور خمس وسبعين سنة على تأسيس هذه المنظمة الدولية، فقد انعقدت قمة استثنائية افتراضية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2020 احتفالًا باليوبيل الماسي لتأسيسها، ولكنها انقطعت لضيق الوقت ليتم استكمالها في 26 أكتوبر. 

 والواقع أن احتفال الأمم المتحدة بهذه المناسبة المهمة هو احتفال لكل الشعوب بولادة عهد دولي جديد، لا يزال يتخلق ويتطور ليكون في نهاية المطاف، حكومة عالمية تتوخى صالح البشر، وتقدم النصيحة والمشورة والعون لكل محتاج، فمن يستطيع أن ينكر الأدوار العظيمة التي تقوم بها الوكالات الدولية المتخصصة. وقد أعلنت الأمم المتحدة أنها ستحتفل بيوبيلها الماسي في إكسبو 2020 دبي بجناح مستقل، يوفر لها منصة فريدة لتعريف ملايين الزوار بأهمية العمل الجماعي في مواجهة التحديات العالمية، وبناء مستقبل سلمي ومستدام وعادل للجميع.

 وتحت شعار «نحن الشعوب: لنشكل مستقبلنا معاً»، سيبرز هذا الجناح مدى انفتاح هذه المنظمة الدولية، وأهميتها لكافة الشعوب خاصة المقهورة منها، وسيلهم الزوار والمشاركين الانخراط في هذه المنظمة؛ ليصبحوا أدوات للتغيير الإيجابي.

وقال المفوض العام لجناح الأمم المتحدة في إكسبو 2020:«نحن ممتنون جداً لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها وللمنظمين لإتاحة الفرصة لنا للمشاركة في إكسبو 2020 وعلى الدعم الكريم الذي قدموه لنا».

إن الأمم المتحدة هي بيت الأسرة الدولية، وعندما تشارك في إكسبو دبي 2020، فإنها تعلن عن وجود كل الدول المنضوية تحتها في هذا المعرض، ما سيعني أن إكسبو دبي 2020 لن يكون كأي معرض آخر مرّ من قبل، بل هو معرض كل الدول والشعوب، وسوف تكون الإمارات العربية المتحدة في قلب العالم تقدم النموذج الأمثل، وتؤكد وجود العرب كأمة لها حضارة وتاريخ. فهذه الأرض أثمرت الحق والخير، وستظل للإنسانية معلماً، وللفكر العادل رمزاً، ولتلاقي الشعوب والحضارات جسراً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"