الأولمبياد والأسواق

22:24 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *

يسهم الأولمبياد في ترويج التفاعل الاجتماعي الاقتصادي من خلال ما يولده من حماس، وبيع حقوق البث التليفزيوني للمسابقات الرياضية الأوروبية أو العالمية. فضلاً عن الخدمات التي تزداد تنوعاً وتطوراً والتي تأتي من الرعاة – المصادر المالية الضرورية لتنظيم وتطوير هذه الأحداث. ويمثل هذا الحدث منصة عالمية للإعلانات.  

المحيط الجغرافي للمدينة المضيفة له أيضاً تأثير قوي في أصل المصادر المالية. حيث أظهر التحليل الذي تم من هذا المنظور على جميع الدورات منذ ميونخ 1972 حتى أثينا 2004 زيادة كبيرة في مصادر التمويل العالمي. وقد مولت دورات الولايات المتحدة الأمريكية بأقل من الدورات التي أقيمت في دول أخرى من هذا المنظور، حيث إن الحصة الرئيسية من المصادر المالية تأتي في الأساس من هذه المنطقة الجغرافية. بالمقارنة بالتسويق الخاص بالبلديات الذي يتعلق بتحسين صورة المدينة باستخدام أصول قابلة للقياس فيما يتعلق ببنيتها التحتية، وطبيعتها، والخدمات العامة ومستوى الضرائب فيها، اعتمدت المدن المضيفة للمسابقات الكبيرة مثل الألعاب الأولمبية العلامة التجارية كوسيلة لتعزيز صورتها. 

هذه الظاهرة الحديثة المميزة تعني إضافة بعد عاطفي لصورة المدينة، فضلاً عن تسليط الضوء على خصائصها المعنوية، مثل «الروح» أو القيم، فضلاً عن الانطباعات التي يمر بها المرء عندما يزور منطقة حضرية معينة. ويمثل نجاح العلامة التجارية للمدينة التي تتنافس على تنظيم الألعاب الأوليمبية كل شيء يعبر عن الأفكار والمشاعر والتوقعات، والارتباطات التي ترد على أذهان الناس عندما يتم التركيز على اسم وشعار ومنتجات، وخدمات المنطقة الحضرية أو أحداثها الخاصة. 

ووفقاً للعديد من الدراسات، فإن ما يحدد العلامة التجارية للمدينة هو الجوانب التالية: الحضور والإمكانيات، والنبض والمكان والناس، والاحتياجات الأساسية وهي ستة عناصر تشكل العلامة التجارية للمدينة.

وحظيت طوكيو بميزانية سنوية تتجاوز 12.6 مليار دولار لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية رقم 32 صيف 2020. لكنها تأجلت عاماً بسبب جائحة كورونا مما اضطر اللجنة الأولمبية الدولية لتحمل نحو 800 مليون دولار معاونة لطوكيو التي تضررت مالياً بسبب التأجيل. وتأمل اليابان في إحياء سحر الألعاب الأولمبية لعام 1964 والذي دفع اليابان إلى صفوف مجموعة الدول الصناعية السبع. وبعد 20 عاماً من الانكماش وتراجع الأهمية الجيوسياسية، تتطلع اليابان لأن تكون دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في طوكيو فرصة مثالية لإعادة تقديم اليابان للمجتمع الدولي. 

ويبدي اليابانيون تفاؤلاً لعدد من الأسباب: 

أولاً، تتوقع بنوك مركزية في الدول المتقدمة أن يشهد الاقتصاد العالمي تحسناً في معنويات الاستثمار وظروف التجارة هذا العام، حيث تواصل الاقتصادات الرئيسية اتخاذ تدابير لتحفيز الاقتصاد.

ثانياً، هناك تقدم في تطوير لقاحات وعلاجات فيروس كورونا.

ثالثاً، اليابانيون مستعدون للقتال من أجل استرداد مكانة طوكيو كأكبر مركز مالي في آسيا، خلال السنوات الخمس المقبلة.

رابعاً مع انحسار الفيروس المتوقع لاسيما في الصيف وبالتالي انطلاق حركة السفر سيقبل المشاهدون ويتدفق السياح وكانت طوكيو تتوقع توافد نحو 8.5 مليون سائح على دورة الألعاب الأولمبية، مع أنه ثبت أن المدن التي تستضيف الأولمبياد قد لا تشهد بالضرورة طفرة سياحية، ووفقاً لما جاء في «إيكونوميست»، فإن بكين ولندن وريو دي جانيرو لم تجتذب سوى عدد قليل من الزائرين خلال دورات الألعاب الأولمبية الصيفية في 2008 و2012 و2016 على التوالي.

خامساً يحدو اليابانيين الأمل أن ينعش الحدث الأولمبي الصناعة.

سادساً، تدرك طوكيو أهمية إنجاح ذلك الحدث ليس لأهميته الاقتصادية فحسب بل لأهميته الجيوسياسية؛ حيث ينظر إلى استضافة الألعاب الأولمبية عموماً باعتبارها تزيد الطلب على الاستثمار في الدولة المضيفة. وبينما يبدو من الواضح للغاية أن السياسة الاقتصادية اليابانية لا سيما مع تداعيات كوفيد-19، لا تكفي لتكون منشطاً اقتصادياً، فإن الآمال معلقة الآن على دورة الألعاب الأوليمبية.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"