عادي

اليوم العالمي للأخوة الإنسانية يؤكد تسامح الإمارات

21:21 مساء
قراءة 6 دقائق
1
1
1
1

إعداد: جيهان شعيب
ابتداء من غداً الخميس، 4 فبراير/ شباط، يسجل التاريخ احتفاء المجتمع الدولي سنوياً بـ«اليوم العالمي للأخوة الإنسانية» الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار جاء بالإجماع القائم على الاحترام والتقدير، للمبادرة التي قدمتها في ذلك كل من الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية.
والمبادرة الراقية المفعمة بالتحضر، والأصالة، تثبت للعالم اجمع أن دولة زايد الخير، صاحبة الأيادي البيضاء، والرؤى السديدة، والتوجهات الرحيمة، لا تألو جهداً في تعزيز أواصر الأخوة، والترابط، والتلاحم، والتعاضد، بل ودوماً وأبداً تكون الأسبق في تدعيمها، وبذل ما في وسعها لتعضيدها، وتكريسها واقعاً ملموساً ومعيشاً، في جميع جوانبها، وأيضاً فإن أرض التسامح التي تحتضن اكثر من 200 جنسية، هي المثال الأرقى على مستوى الدول كافة، في تقبّل الآخر، دونما تمييز، أو تعصب، أو كراهية، أو ميل لأحد دون غيره، أو قبول لهذا، ونبذ لذاك، فمعيارها الثابت في التقييم يستند إلى الإنسانية أولاً وأخيراً، من دون سواها، لذا فالجميع في كفتها سواسية، بلا جدال، أو مزايدة، أو حتى نقاش في ذلك، فهي إمارات الرحمة، العاملة على رفض العنف، وقبول الاختلاف، من دون الجنوح للخلاف.

إنجاز تاريخي

ولا شك في أن توجهات إمارات الإنسانية عكستها كلمات السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، في بيان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حين تقديم المبادرة، وقبيل اعتمادها، حيث قالت: «في السنوات الأخيرة، شهد العالم زيادة كبيرة في العنف، وخطاب الكراهية ضد الأجانب، والتعصب الديني، وأشكالاً أخرى من التمييز، ولمواجهة هذه التهديدات العابرة للحدود، يجب علينا دعم المبادرات التي تشجع على التضامن والوحدة بين الأفراد، بروح تتسم بالأخوة الإنسانية، وعليه، تسعى كل من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية، عبر هذه المبادرة، للاحتفال جميعاً بقيمنا المشتركة المتمثلة في تقبّل الآخر، والانفتاح، والتعاطف، وإظهار الحب تجاه جميع البشر.
وعقب اعتماد المبادرة أكد المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام للجنة الأخوة الإنسانية، أن اعتماد الأمم المتحدة الرابع من فبراير/ شباط اليوم الدولي للأخوة الإنساني، هو إنجاز تاريخي كبير يضاف إلى إنجازات لجنة الأخوة الإنسانية، ويعد اعترافاً دولياً بوثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، لكون الأخوة الإنسانية أصبحت مسؤولية العالم، وقال: «نشكر دولة الإمارات التي سخرت دبلوماسيتها متعددة الأطراف من خلال بعثة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة لتحقيق هذا الإنجاز الجديد لخدمة الإنسانية».

خطوة جوهرية

واختيار اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، ثمرة طيبة من ثمار وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بأبوظبي في 4 فبراير الماضي، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، عبر «تويتر»: «اعتماد الأمم المتحدة للمبادرة التي تقدمت بها الإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر لجعل يوم 4 فبراير يوماً للاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، خطوة جوهرية على طريق ترسيخ قيم التسامح، والحوار، فما يجمع البشر أكثر مما يفرقهم، ومعاً يستطيعون تجاوز التحديات، وصنع حاضر ومستقبل أفضل للأجيال».

وثيقة الأخوة

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة عرجت في قرارها الجمعي باعتبار 4 فبراير/ شباط اليوم الدولي للأخوة الإنسانية، إلى اللقاء الذي عُقد بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية بتاريخ 4 فبراير 2019 في أبوظبي، والذي أسفر عن التوقيع على «وثيقة الأخوة الإنسانية» من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، مؤكدة على المساهمات القيّمة للشعوب من جميع الأديان والمعتقدات للإنسانية، وعلى دور التعليم في تعزيز التسامح، والقضاء على التمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد، ومثنية على جميع المبادرات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية والجهود التي يبذلها القادة الدينيون لتعزيز الحوار بين الأديان، والثقافات، في حين كانت دولة الإمارات استضافت في فبراير 2019 المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين بهدف تفعيل الحوار حول التعايش، والتآخي بين البشر، وسبل تعزيزه عالمياً، كما يهدف إلى التصدي للتطرف الفكري، وسلبياته، وتعزيز العلاقات الإنسانية، وإرساء قواعد جديدة لها، بين أهل الأديان، والعقائد المتعددة، تقوم على احترام الاختلاف. وتزامن المؤتمر مع الزيارة المشتركة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى دولة الإمارات، وصدرت عن المؤتمر وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك ووقع عليها شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية.
واعتماداً على الوثيقة جاءت جائزة زايد للأخوة الإنسانية في 2019، وتهدف إلى الاحتفاء بالأشخاص أو المؤسسات التي تعمل على ترسيخ السلام، والعيش المشترك، وبناء جسور التواصل الثقافي والإنساني، وطرح مبادرات عملية ناجحة ومؤثرة للتقريب بين المجتمعات على المدى الطويل، ساعية في ذلك إلى مواصلة تكريس القيم الراسخة، والإرث الإنساني الزاخر للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

مضامين إنسانية

وبالرجوع للمضامين الإنسانية التي احتوتها الوثيقة، واعترافاً بها، جاء اختيار اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، نجد تأكيدها على أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام، وإعلاء قيم التعارف المتبادل، والأخوة الإنسانية، والعيش المشترك، وأن الحرية حق لكل إنسان، اعتقاداً وفكراً وتعبيراً وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين، واللون، والجنس، والعرق، واللغة حكمة لمشيئة إلهية، خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلاً ثابتاً تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر، وأن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها، وأن الحوار، والتفاهم، ونشر ثقافة التسامح، وقبول الآخر، والتعايش بين الناس، من شأنها أن تسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والبيئية، التي تحاصر جزءاً كبيراً من البشر، وأن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية، والإنسانية، والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق، والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم، وأن حماية دور العبادة، من معابد، وكنائس، ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء، أو التفجير، أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية، وأن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع، والرعب، وترقب الأسوأ، ليس نتاجاً للدين - حتى إن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات المفاهيم الخاطئة لنصوص الأديان، وسياسات الجوع، والفقر، والظلم، والبطش، والتعالي.

حقوق واجبة

كما أكدت الوثيقة أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات، والحقوق، التي ينعم في ظلها الجميع بالعدل، لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا، وأن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل، وحوار الثقافات، وأن الاعتراف بحق المرأة في التعليم، والعمل، وممارسة حقوقها السياسية، هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية، والاجتماعية، المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها، وأن حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية، والتغذية، والتعليم، والرعاية، واجب على الأسرة، والمجتمع، وينبغي أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أي طفل في أي مكان، وأن حماية حقوق المسنين والضعفاء، وذوي الاحتياجات الخاصة، والمستضعفين، ضرورة دينية، ومجتمعية، يجب العمل على توفيرها، وحمايتها بتشريعات حازمة، وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم، فيما طالب شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية، بأن تصبح هذه الوثيقة موضع بحث، وتأمل في جميع المدارس والجامعات، والمعاهد التعليمية والتربوية، لتساعد على خلق أجيال جديدة، تحمل الخير والسلام، وتدافع عن حق المقهورين، والمظلومين، والبؤساء في كل مكان، واعلنا وتعهدا من خلال التعاون المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر الشريف، بالعمل على إيصال هذه الوثيقة إلى صناع القرار العالمي، والقيادات المؤثرة ورجال الدين في العالم، والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الدينية وقادة الفكر والرأي، والسعي لنشر ما جاء بها من مبادئ على المستويات الإقليمية والدولية كافة، داعيان إلى ترجمتها إلى سياسات، وقرارات، ونصوص تشريعيّة، ومناهج تعليمية، ومواد إعلاميّة.
وقالا في ختامها: لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، لتكن وثيقتنا نداء لكل ضمير حي، ينبذ العنف البغيض، والتطرف الأعمى، ولكل محب لمبادئ التسامح والإخاء التي تدعو لها الأديان وتشجع عليها، لتكن وثيقتنا شهادة لعظمة الإيمان بالله الذي يوحد القلوب المتفرقة، ويسمو بالإنسان، لتكن رمزاً للعناق بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وبين كل من يؤمن بأن الله خلقنا لنتعارف، ونتعاون، ونتعايش كإخوة متحابّين، وهذا ما نأمله ونسعى إلى تحقيقه، بغية الوصول إلى سلام عالمي ينعم به الجميع في هذه الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"