عادي

«برسفيرنس» تهبط على المريخ بحثاً عن آثار حياة قديمة

01:07 صباحا
قراءة 4 دقائق
المريخ

اخترقت مركبة الفضاء «برسفيرنس» التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، الغلاف الجوي للمريخ، أمس الخميس، وهبطت بنجاح على سطحه، بعد رحلة فضائية استمرّت أكثر من سبعة أشهر، قطعت خلالها 472 مليون كيلومتر في نجاح مذهل يدشّن مهمّة ستستمر أعواماً عدّة بحثاً عن أدلّة على حياة سابقة محتملة على الكوكب الأحمر.
وبأعلى صوتها قالت سواتي موهان المسؤولة عن مراقبة العمليات في ناسا إنّ «الهبوط تأكّد»، في عبارة كانت كافية لينفجر فرحاً العاملون في غرفة التحكّم في مختبر «جت بروبلشن» في باسادينا بولاية كاليفورنيا. وحطّت المركبة الضخمة في فوهة جيزيرو التي يعتقد العلماء أنّها كانت تحتوي على بحيرة قبل 3.5 مليار سنة والتي تعتبر أخطر موقع هبوط على الإطلاق بسبب تضاريسه.
وما إن حطّت «برسفيرنس» على سطح الكوكب الأحمر حتّى بثّت «ناسا» صورة التقطها الروبوت الجوّال لموقع الهبوط. ونشرت «ناسا» الصورة على الحساب الرسمي لـ«برسفيرنس» على «تويتر» وأرفقتها بتغريدة جاء فيها «مرحباً أيها العالم. هذه أول نظرة لي على ما سيكون منزلي إلى الأبد». والصورة الرائعة وهي بالأبيض والأسود، ظهر فيها خيال المركبة منعكساً على سطح المريخ.
وأشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالهبوط «التاريخي»، وقال في تغريدة على تويتر «هذا اليوم أثبت مرة أخرى أنه مع قوة العلم والمهارة الأمريكية، لا يوجد شيء خارج نطاق الإمكانات».
وبعدما دخلت المركبة الغلاف الجوي للمريخ بسرعة 20 ألف كلم/ساعة أدّى احتكاكها مع الهواء إلى رفع درجة الدرع الحرارية التي كانت يحميها إلى 1300 درجة مئوية والذي لم تتخلّ عنه إلا بعد أن فُتحت مظلة الهبوط التي تتحمل سرعة تفوق سرعة الصوت. وساهمت ثمانية محرّكات موجهة صوب سطح الكوكب بإبطاء حركة «برسفيرنس» قبل أن ينشر الروبوت إطاراته الستّة تمهيداً لنزوله على السطح بواسطة أسلاك معلّقة. وتقضي فرق «ناسا» الأيام القليلة المقبلة في التحقّق من أنّ الروبوت الجوّال ومعدّاته العديدة المتطورة لم تتضرّر وتعمل بشكل صحيح.
و«برسفيرنس» هي خامس مركبة تحطّ على سطح المريخ. وجميع هذه المركبات أمريكية، وحطّت أولاها في 1997، في حين لا تزال إحداها «كوريسيتي» تتجوّل حتى اليوم على سطح الكوكب الأحمر. لكن خلافاً للمركبات الأربع السابقة فإنّ الهدف العلني لمهمة «برسفيرنس» هي إيجاد آثار لحياة سابقة على الكوكب الأحمر من طريق جمع نحو ثلاثين عينة صخرية على مدى سنوات. ويتعيّن نقل الأنابيب المختومة إلى الأرض عبر مهمة لاحقة في العقد المقبل، بهدف تحليلها وربما إيجاد جواب على «أحد الأسئلة التي تؤرقنا منذ قرون، وهو: هل نحن وحدنا في العالم؟»، على ما قال معاون مدير «ناسا» لشؤون العلوم توماس زوربوشن.

الصورة
الهبوط على المريخ

أولى العينات
«برسيفرنس» هي أضخم مركبة تُرسل إلى المريخ وأكثرها تعقيداً. وصُنعت في مختبر «جت بروبلشن» الشهير في كاليفورنيا، ويقرب وزنها من طن، وجُهزت بذراع آلية يفوق طولها المترين إضافة إلى 19 كاميرا. وقال المسؤول المساعد في المهمة كن ويليفورد «لدينا أدلة قوية جداً على أنّ المريخ كان يضمّ حياة في ماض سحيق».
ومن المقرّر البدء بسحب أولى العينات هذا الصيف. ويمكن اعتماد مسارات عدة للحفر في أوساط مختلفة بينها خصوصاً النهر والبحيرة القديمة والدلتا المشكّلة من النهر الذي كان يصب فيها. ويبحث العلماء عما يسمونه بصمات حيوية، هي آثار لحياة جرثومية «قد تتخذ أشكالا شتى»، بينها مثلاً أشكال «كيميائية» أو «تغييرات في البيئة»، بحسب مديرة علم الأحياء الفلكي في وكالة «ناسا» ماري فويتك. وأبدت حماستها الكبيرة إزاء المهمة قائلة «نحن خبراء علم الأحياء الفلكي نحلم بهذه المهمة منذ عقود».
وعدّد العالم المشارك في المشروع كن فارلي الاحتمالات المتوقعة لنتائج المهمة، قائلا «إما نجد آثار حياة وسيكون ذلك اكتشافاً استثنائياً، أو لا يحصل ذلك، ما سيؤشر إلى أن كل البيئات القابلة للسكن ليست مأهولة»، وسيتعين تاليا البحث في مواضع أخرى. وأشار إلى أن الأعضاء المشرفين على هذه المرحلة والبالغ عددهم حوالى 450 شخصا يعملون في ظروف استثنائية بسبب جائحة «كوفيد-19». وأوضح أن أعضاء الفريق سينفذون المهام الموكلة إليهم «من غرف جلوس منازلهم في أقطار العالم كافة».

الصورة
الهبوط على المريخ

مهام مستقبلية

تسعى «ناسا» إلى أن تثبت أن من الممكن تسيير مركبة تعمل بمحركات إلى كوكب آخر. ومن المفترض أن تنجح المروحية المسماة «إنجينوينيتي» في الارتفاع في هواء توازي سماكته 1 % من تلك الموجودة في الغلاف الجوي الأرضي. كما يتمكن ميكروفونان للمرة الأولى من تسجيل الصوت على المريخ.
ويتمثل الهدف الآخر في الإعداد لمهام بشرية مستقبلية، من خلال تجربة إنتاج الأوكسجين مباشرة في الموقع، بواسطة جهاز سميّ «موكسي». ومن المفترض أن يكون هذا الجهاز، وهو بحجم بطارية سيارة، قادراً على إنتاج نحو عشرة جرامات من الوكسجين في ساعة واحدة، من طريق امتصاص ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي للمريخ، على غرار ما تفعل النباتات. وهذا الأوكسجين سيمكّن مستوطنين بشريين مستقبلاً من التنفس، وسيُستخدَم كذلك كوقود.
واستثمرت «ناسا» نحو 2,4 مليار دولار لبناء وإطلاق مهمة «مارس 2020». وتقدر كلفة الهبوط والعمليات في الموقع مبدئياً بـ300 مليون دولار.

الصورة
الهبوط على المريخ
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"