الطريق إلى الفاشية عبر الديمقراطية

03:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

شبه المؤرخ «الإسرائيلي» المختصّ بالمحرقة النازيّة، دانييل بالتمان، السياسة «الإسرائيلية» اليوم، بالوضع الذي ساد في ألمانيا عشية صعود زعيم الحزب النازي هتلر.
أكدت جولتا الانتخابات البرلمانية في دويلة الاحتلال انقساماً غير مسبوق في المجتمع بين اليمين واليمين المتطرف من جهة، والوسط واليسار من جهة أخرى، ما أثار مخاوف من انقسام حاد قد يؤدي الى اضطرابات داخلية سياسية وعرقية ومذهبية بين الطرفين، لكن هناك من ذهب الى أبعد من ذلك، محذراً من أن إجراء انتخابات ثالثة خلال سنة واحدة قد يفتح المجال أمام اليمين الفاشي للوصول الى الحكم وتصفية «الديمقراطية» وإقامة نظام حكم فاشي عنصري.
وكان عضو الكنيست يائير غولان، من كتلة «المعسكر الديمقراطي» حذر منذ فترة من اليمين المتطرف وشبهه بالنازيين، وقال في مقابلة صحفية «إن النازيين صعدوا إلى الحكم بصورة ديمقراطية، ولذلك علينا أن نحذر جيداً، من أن جهات متطرفة ذات توجهات دينية خلاصية تستغل الديمقراطية من أجل إحداث واقع حكم مختلف».
وكان غولان مرشحاً لتولي منصب رئيس الأركان، لكن مواقفه حينذاك حالت دون تعيينه، بعد أن تعرض لهجوم واسع من اليمين الحاكم.
وقال غولان، «هذا اليمين خطير، إنه خطر على سلطة القانون، وعلى وجود «إسرائيل» كدولة ديمقراطية، إنه يستغل الأدوات الديمقراطية من أجل المس بالديمقراطية ونحن بحاجة إلى الحذر منه». ويشير غولان بأقواله إلى المستوطنين.
وكان اليمين «الإسرائيلي» شن حملة ضد غولان بسبب تصريحاته هذه. وقالت رئيسة كتلة اليمين أييليت شاكيد، ووزيرة القضاء السابقة التي ترأست الحملة ضد السلطة القضائية، «لعلك تحررنا من هذا الأمر الذي يسيطر عليك بمقارنتنا بالنازيين». وقال زميلها عضو الكنيست موتي يوغيف «أقترح على غولان أن يحتفظ بالمقارنة بالمحرقة والنازيين بداخله».
وكلام غولان مبني على وقائع لمسها على الأرض واشتم منها رائحة الزحف النازي نحو الحكم في دولة الاحتلال. وهناك تصريحات نازية تفوح منها رائحة التفوق العرقي أدلى بها أعضاء كنيست من الليكود قالوا فيها لأحمد الطيبي نحن عرق خاص.
بالطبع لوحظ في الآونة الأخيرة صدور عشرات القوانين العنصرية الموجهة ضد العرب، لكن ما يقلق أحزاب الوسط ليست هذه القوانين بل ما يمكن أن يحدث لهم كيهود في حالة وصول اليمين االمتطرف الى الحكم وهو يمين له أحزابه المستقلة وأيضاً له أنصار في حزب الليكود الحاكم.
وقد شبه المؤرخ «الإسرائيلي» المختصّ بالمحرقة النازيّة، دانييل بالتمان، السياسة «الإسرائيلية» اليوم، بالوضع الذي ساد في ألمانيا عشية صعود زعيم الحزب النازي، أدولف هتلر، إلى الحكم، حيث سبقت ذلك ثلاث معارك انتخابية للرايخستاغ خلال سنتين، في أيلول (سبتمبر) 1930، وفي يوليو (تموز)1932 وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 1932
وأشار بالتمان في مقال نشرته «هآرتس» إلى أنّ الساحة الألمانية تميزت في حينه بعدم الاستقرار الذي ساد النظام السياسي، وإلى عدم القدرة على إقامة حكومة ثابتة من قبل اليسار أو يمين الوسط، وأحابيل السياسيين، إلى جانب وجود قوة فاشية منظمة، تسعى لاستلام السلطة ودفن الديمقراطية، وكلها ظواهر تشبه إلى حدٍ بعيد، الحالة السائدة في دولة الاحتلال حالياً.
ويخشى رئيس الكيان ريفلين، بحسب بالتمان، من جولة انتخابية ثالثة، ليس لأن الناخبين تعبوا فقط، بل خوفاً من أن ينجح نتنياهو في إخضاع مصير الكيان لمصير تورّطه القضائي وتشكيل ائتلاف واسع يتوحد حول الطموح بالقضاء على الديمقراطية. وقد اضطر نتنياهو هذا الأسبوع الى إلغاء زيارة لليابان لحضور تتويج الإمبراطور بسبب عدم قدرته على تشكيل حكومة جديدة نظراً للانقسام بين معسكري اليمين والوسط، ومن غير المرجح أن يطلب تمديد مهلة تشكيل الحكومة، فإما أن يتم تكليف شخص آخر أو يعود الناخبون الى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة، وهو ما يخشاه أغلب «الإسرائيليين» لأن انسداد الأفق الديمقراطي يعني ظهور نافذة للفاشية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"