«المركزي».. والأدوات المالية

03:05 صباحا
قراءة دقيقتين

رائد برقاوي

الفائدة والتيسير الكمي، أداتان أساسيتان تستخدمهما الدول والهيئات التنظيمية المالية في أي نظام اقتصادي للتحكم في أداء الاقتصاد وتحقيق التوازن في قطاعاته، وقد أثبتتا على مدار العقود الماضية فعاليتهما.
الفائدة، وهي الأكثر أهمية في التحكم بمسار الاقتصاد، تستخدم في حالتي الانتعاش والركود، ترفعها البنوك المركزية عندما ترى أن الاقتصاد ينمو بمعدلات كبيرة وبدأ يخرج عن السيطرة، وتخفضها عندما تجد أن النمو في تراجع والاقتصاد الكلي في انحسار.
أما التيسير الكمي فهو يعني توفير نافذة سيولة إضافية للمؤسسات المالية بهدف إقراضها للأسواق بأسعار رخيصة لتشجيع قطاعات الأعمال على التوسع والبدء بمشاريع جديدة من شأنها أن توفر وظائف وتولد أعمالاً تحرك معها الأسواق وترفع الطلب وتخرج الاقتصاد من الهدوء .
هذا ما فعله أكبر اقتصاد في العالم، عندما خفّض أسعار الفائدة خلال أزمة المال وطرح برنامج التيسير الكمي، ثم عاد ورفع الفائدة بعد تحسن الاقتصاد، فيما يتجه الآن إلى خفضها بعدما وجد أن النمو آخذ في التباطؤ.
ماذا عندنا في الإمارات؟
برنامج التيسير الكمي فُعّل مرة واحدة على نطاق ضيق عندما عرض المصرف المركزي أموالاً على البنوك إبان أزمة المال في 2008، لكن البرنامج المذكور لم يكن هدفه آنذاك توفير السيولة بأسعار رخيصة في الأسواق، بقدر ما كان هدفه دعم رساميل البنوك لمواجهة استحقاقات الأزمة، وكانت تلك الأموال مرتفعة الكلفة تتراوح بين 4 و4.5٪.
أما الفائدة .. فلم تأخذ حقها في أسواقنا لتكون أداة مالية فعّالة، لأنها مرتبطة مباشرة بالفائدة الأمريكية حيث تتحرك الأخيرة على «هواء» اقتصاد بلادها وليس اقتصادنا.
كان هناك استثناء أيضاً لفترة وجيزة في أزمة المال العالمية عندما خفّض الاحتياطي الأمريكي بشكل متلاحق أسعار الفائدة، ولم يقم مصرفنا المركزي في إحدى المرات بإجراء الخفض ما جعل هناك تبايناً أكثر من المعتاد بين الفائدتين، والهدف كان استقطاب ودائع إضافية إلى الدرهم، إلا أنه سرعان ما عاد الفارق إلى وضعه الطبيعي.
ندرك أن قطاعنا المصرفي متخم بالودائع، وأن السيولة متوفرة في هذا القطاع، لكن المشكلة أنها سيولة مرتفعة الثمن لا تتناسب وإطلاق مشاريع جديدة في القطاعات المختلفة أو إدخال توسعات في المشاريع القائمة، حيث عوائد تلك المشاريع تذهب لتغطية تكاليف الإقراض المرتفعة، ما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة تؤخر دوران عجلة الاقتصاد بالسرعة المطلوبة.
المشكلة الثانية التي تواجهها الأسواق تكمن في معدلات التضخم السلبية في مختلف الإمارات. صحيح أنها مفيدة لبعض شرائح المجتمع ولبعض قطاعات الأعمال كونها تخفض التكلفة التشغيلية، لكنها تعني على جانب آخر انحسار الطلب على الشراء، والحد من توسع الأعمال، وتقليص الإنفاق الاستهلاكي، وفقدان الوظائف، أي أنها تعني الانكماش.
هل يفعّل مصرفنا المركزي الأدوات المالية التي بحوزته لتحريك عجلة الاقتصاد بشكل أسرع بعيداً عن الآليات التقليدية؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"