عادي

«يورك».. جولة في عاصمة الفايكنج

21:30 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1
1

إعداد: هشام مدخنة

تعد يورك من أكثر المدن التاريخية التي تلخص حقبة بريطانيا قبل آلاف السنين وتجسد تراثها الثقافي العريق، وقد استطاعت أن تمزج بين حكايات العصور الوسطى وهندستها المعمارية وبين التصاميم والأبنية العصرية المتطورة.

هذه المدينة ذات الثروة الثقافية والتاريخية الاستثنائية توجت "مدينة السياحة الأوروبية" وأكثر من المملكة المتحدة أماناً، يحيط بها سور تاريخي عظيم يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث عشر وتضم شبكة عنكبوتية من الشوارع والأزقة الضيقة.

تقع في قلبها كاتدرائية "يورك مينستر" المذهلة، ومع انتشار العديد من المتاحف والمعارض التاريخية والمطاعم والمقاهي التقليدية، أصبحت هذه المدينة وريثاً لائقاً لهذا الإرث الثقافي والتاريخي الطويل.

شهد تاريخ يورك، منذ أن أسسها الرومان قبل ألفي عام، العديد من الغزوات والتمردات ووقفت أسوراها سداً منيعاً في وجه الكثير من الحصارات وانتصرت عليها.

ومع نهاية القرن العشرين، أصبحت المدينة محطة رئيسية للسكك الحديدية والرحلات التجارية.

كل ذلك يشجع حوالي 7 ملايين زائر سنوياً لاستكشاف الهندسة المعمارية القوطية وشوارع مدينة يورك المرصوفة بالحصى وقلعتها التي تعود إلى القرون الوسطى والكاتدرائية التاريخية والمتاحف الصديقة للأسرة والمقاهي المريحة، إضافة إلى تذوق أشهر وألذ أنواع الشوكولاته التي تشتهر بها المدينة.

القلعة التاريخية وبرج كليفورد

سيكون عشاق التاريخ على موعد مع وجبة تاريخية دسمة تبدأ بإطلالة بانورامية رائعة بعد تسلق السلالم الحلزونية والوصول لأعلى برج «كليفورد» الذي تم بناؤه ليصبح جزءاً من قلعة يورك التاريخية الشهيرة. من أعلى البرج يمكن مشاهدة عروض الممثلين المسرحيين الموهوبين عبر جولات تفاعلية، سيراً على الأقدام تسمى «الكوميديا السوداء» تتناول أكثر من ألفي عام من الأحداث التاريخية المثيرة المأخوذة من الحياة الواقعية للمدينة.

كاتدرائية يورك مينستر

بعد الانتهاء من زيارة القلعة لا بد من التوجه إلى أكبر كاتدرائية في تاريخ شمال أوروبا، واستكشاف أحد أجمل وأقدم المباني القوطية في العالم. تمتد جدران الكاتدرائية على مسافة ميلين ونصف، مهيمنة على شوارع يورك الأثرية المتعرجة والمرصوفة بالحصى. استغرق بناؤها مئتين وخمسين عاماً ما يدل على حجم الإبداع والإتقان والفن المعماري الذي اعتمد كنهج لترسيخ أصالة هذا المكان. تطل من جهتها الشرقية نافذة عظيمة يقدر حجمها بـ 186 متراً مربعاً، وتعتبر أكبر مساحة من الزجاج الملون في العالم. يقصد السياح هذه الكاتدرائية من شتى بقاع الأرض ويتجولون داخلها معايشين أجمل اللحظات المدعومة بالصور التذكارية.

متحف يورك ومتحف جورفيك فايكنج

يتم الاحتفاظ بمعظم الآثار الرومانية القديمة أسفل مدينة العصور الوسطى وفي متحفها المملوء بالفنون والقطع الأثرية التراثية، ويتضمن المتحف فعاليات ومعارض لا تقدر بثمن في علم الأحياء والجيولوجيا والآثار.

توجد أيضاً خرائط ونماذج ومعالم جنائزية وأرضيات من الفسيفساء ولوحات جدارية وتمثال نصفي للإمبراطور قسطنطين يرجع تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي. سيستمتع الأطفال كثيراً بمعرض الديناصورات الذي يضم أحافير عملاقة من ساحل يوركشاير الجوراسي.

وليس ببعيد يوجد متحف «جورفيك فايكنج» الذي يعد بحد ذاته كنزاً أثرياً ومن أهم وأشهر معالم الجذب السياحي في المدينة، يعرض تاريخ الفايكنج ويعود بك في الزمن إلى عام 975 ميلادية؛ حيث يمكن تمضية بعض الوقت بين بقايا حقيقية من المنازل القديمة المعروضة، كما أنه يحتوي على عروض حية تصور حياة الفايكنج في حنايا المدينة التي كانت في قديم الزمان عاصمة لمملكتهم.

شارع شامبلز سوق اللحوم المكشوف

يعد «شامبلز» من أشهر وأضيق شوارع يورك والأكثر روعة في بريطانيا، وواحد من أكثر الأماكن التي تمت زيارتها في أوروبا.

هو مرآة حقيقية للزمن الماضي، يمتد على شكل ممرات ضيقة ومنحنية مرصوفة بالحصى تصطف حولها مباني تيودور التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر. كان هذا الشارع فيما مضى سوقاً مكشوفاً للحوم ومحال الجزارة، أما اليوم فتحولت هذه المحال إلى متاجر للهدايا التذكارية ومقاهي لشرب الشاي والتنزه مع الأصدقاء والعائلة.

المتحف الوطني للسكك الحديدية

يعد الأكبر في العالم، مع وجود أكثر من 300 قاطرة تعود لفترات زمنية مختلفة ومظلات عملاقة مصطفة على طول المكان. يمكن الاستمتاع بتجربة محاكاة تقليدية لركوب قطار بخاري من عام 1938. ويوجد أيضاً قطار «جورج ستيفنسون» الذي يعود لتاريخ 1829، وأول قاطرة بخارية حديثة في العالم «القطار الياباني شينكانسن» منذ ستينات القرن الماضي، والعديد من أنواع القطارات والعربات التي كانت تستعمل قديماً. وإن لم تكن من المهتمين بالسكك الحديدية، يمكن عبر جولة قصيرة مشاهدة العربات التقليدية المفروشة بالحرير والتي تصطف على جانبيها القطارات الملكية التي كان يستخدمها الملك إدوارد السابع والملكة ماري والملكة فيكتوريا.

موطن الشوكولاته الفاخرة

تعد زيارة مدينة يورك، فرصة لا تعوض لعشاق الشوكولاته، فلطالما ارتبط اسمها بأشهر أنواع الشوكولاته في العالم.

ستبدأ الرحلة من داخل مصانع الشوكولاته بسرد قصصي مصور لتاريخ قدومها من الغابات الاستوائية في أمريكا الجنوبية وحتى وصولها إلى يورك، مع ذكريات لأجيال من مواطني المدينة الذين عملوا وأسسوا مصانع الشوكولاته فيها، تعد يورك مهد هذه الصناعات ومسقط رأس العديد من العلامات التجارية العالمية والشركات الفاخرة مثل «راونتري» التي تأسست عام 1862 وأصبحت جزءاً من شركة نستله، و«تيري» التي ابتكرت شوكولاته البرتقال الشهيرة.

المقاهي التاريخية

تنتشر في الشوارع والأزقة القديمة لمدينة يورك الكثير من المقاهي التي تشتهر بتقديم أنواع متعددة من الشراب، بعضها بني حديثاً على الطراز العصري أما أغلبيتها فتعود هندستها المعمارية إلى مئات السنين وتحكي في كل زاوية وحجر فيها قصة ارتباط وثيق وعشق للماضي.

تستضيف هذه المقاهي فعاليات خيرية سنوية، تعود تقاليدها إلى القرن الثالث عشر، من أجل جمع التبرعات، إضافة إلى استضافتها لمهرجان الخبز والشراب وهو الأول من نوعه بالنسبة للمنتجات الغذائية البريطانية. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"