عادي

«أبو الفنون» قادم بقوة

23:45 مساء
قراءة 5 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود

عبر مسرحيون إماراتيون، عن أملهم في أن تفتح صالات العروض المسرحية أبوابها أمام الجمهور في كل العالم قريباً، وأشاروا إلى أن غياب هذا الفن جعل المتلقي يفتقد إلى إبداع مختلف لا تعوضه بقية الأشكال الجمالية الأخرى، وأكدوا أن اليوم العالمي للمسرح، هو فرصة كبيرة للنقاشات وتقديم المقترحات والرؤى من أجل أن يخرج المسرح من أزمته الحالية بفعل جائحة كورونا.

«لقد اختفى المسرح»، هكذا تحدث المخرج حسن رجب، وأشار إلى واقع «أبو الفنون» في ظل جائحة كورونا التي كان لها أثرها الكبير على النشاط الدرامي ليس على مستوى الإمارات فقط؛ بل والعالم أجمع، وأوضح أن الجائحة كشفت عن كثير من الأشياء السلبية بالنسبة للحراك المسرحي؛ إذ ظلت معظم الفرق تعتمد على المهرجانات فقط، وبغيابها توارى النشاط المسرحي على كافة المستويات، وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للمهرجانات، لكن لابد أن يتم التفكير بشكل جاد، عقب الجائحة، في أن يكون الفعل المسرحي مستمراً من دون الاعتماد على الفعاليات السنوية.

ولفت رجب، إلى أن بعض الدول الغربية لا تزال تفتح أبواب مسارحها، على الرغم من الجائحة، وذلك لأن غياب المسرح يمثل أزمة عند تلك المجتمعات، لأنه بمثابة الغذاء الروحي والفكري، بعكس العالم العربي؛ حيث إن اختفاء المسرح لا يعتبر مشكلة، يقول رجب: «نحن نعيش ترقباً وانتظاراً، ومن المهم أن يسود التفاؤل والأمل في عودة قريبة للمسرح».

 وأشار رجب، إلى الورش والدورات التدريبية، وهي أنشطة شديدة الأهمية حتى يكون جميع المشتغلين في المسرح في كامل استعدادهم متى ما عادت الحياة إلى طبيعتها وفتحت المسارح أبوابها لاستقبال العروض مجدداً، ومن المهم أن تشمل تلك الدورات تجهيز الممثلين، والأدوات، والتقنيات، والديكور، والتأليف، وكل مفردات العرض المسرحي، ويقول: «من الضروري الاستجابة للتوجيهات الصحية، ومراعاة التباعد الاجتماعي، لكن من المهم أيضاً وجود لقاءات تقدم الأفكار وتناقش مستقبل المسرح لما بعد مرحلة كورونا».

مشاهد حزينة

وأوضح رجب، أن مشكلة المسرح الكبيرة تكمن في أنه يعتمد على العروض المباشرة، بالتالي هو يتأثر دائماً بالأوبئة والكوارث الطبيعية في كل العالم، لذلك نجد أن المنصات الافتراضية لم تنجح كبديل، لأنها تفتقد إلى أهم عناصر العرض وهو الجمهور، لذلك هي بلا طعم ولا رائحة، فالمسرح هو فن الواقع، وأمام هذا الواقع نجد أن المسرحيين في كل الدول في شغل شاغل بالبحث عن أفق لهذا الفن الإنساني النبيل والذي ينشر قيم الخير والجمال، ويقول: «من المحزن جداً رؤية الخشبة خالية، والمسارح وهي وتغلق أبوابها أمام الجمهور، فتسود فيها الكآبة، ويثرثر فيها الصمت».

المخرج الشاب سعيد الهرش، أوضح أن يوم المسرح العالمي، يشير إلى المكانة الكبيرة التي يحتلها ذلك الفن العظيم في قلوب البشر في كل مكان، وهي المنزلة التي لم تتأثر وظلت راسخة على الرغم من وجود التلفزيون والسينما، والتطور الكبير في وسائل الاتصالات وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ذلك لأن للمسرح طبيعته الخاصة ونكهته المختلفة وجمهوره الذي لا يقبل بغيره بديلاً، وأشار إلى أن جائحة كورونا، قد جمدت الفعل المسرحي على مستوى العروض، ويقول: «جاء تأثير الجائحة الأكبر على المشتغلين بالمسرح، لأنها أفقدتهم حبهم الأزلي، وحرمتهم من لحظة التواصل مع الجمهور»، وأعرب الهرش عن أمله في أن يعود المسرح بصورة أكثر قوة من السابق عقب انتصار البشرية على الجائحة.

ولفت الهرش، إلى أن الاحتفال بيوم المسرح العالمي، هو فرصة جيدة للمراجعة، ولإدارة نقاشات كبيرة، وللإجابة عن سؤال: ماذا يمكن أن يقدم المسرحيون في المستقبل؟

وفي معرض توصيفه لراهن المسرح في الدولة، ذكر الهرش، أنه يسير بخطوات واثقة وثابتة، ويجد دعماً كبيراً، وبصورة خاصة من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حتى صار المسرح الإماراتي يحتل مكانة كبيرة في العالم العربي، مشيراً إلى أن النشاط سيعود بشكل أقوى عقب الجائحة.

وأوضح الهرش، أن من المهم أن تشكل فترة الجائحة مساحة للتأمل في حال المسرح؛ بحيث يتم تعويض غياب العروض في نشاط فكري تقدم فيه الدراسات والبحوث، وكذلك من الضروري أن يتواصل النشاط البدني للممثلين عبر الدورات التدريبية.

بوصلة غامضة

من جهته ذكر المخرج صالح كرامة، أن المسرح في الدولة يجد دعماً كبيراً من القيادة الرشيدة، وهو ما أسس لبيئة جيدة للعطاء المسرحي، وذلك الأمر انعكس على نوعية العروض مما جعل الإمارات تتبوأ موقعاً مميزاً وقيادياً ومتقدماً في خارطة الدول العربية، وأوضح أن النشاط قد تأثر كثيراً بجائحة كورونا، ويقول: «لقد أصيب المسرح بالفتور، كنا نتوقع أن يعود سريعاً، لكن ذلك لم يحدث، حتى المسرح العالمي أصيب بالضمور وغاب عنه الجمهور»، وأضاف أن البوصلة تبدو مفقودة أو غامضة، وليس هناك ما يشير إلى عودة قريبة للعروض، وعلى الرغم من أن الأوروبيين يعتبرون المسرح مركز إشعاع وله قيمته الكبيرة، فإنه يوجد هناك إحجام كبير عن المسرح.

وأكد كرامة أن غياب المسرح أصاب الكثير من الفنانين بالإحباط، وأعرب عن أمله في عودة قريبة للعروض، يقول: «المسرحي لا يجد نفسه إلا في المسرح، لذلك فإن توقف النشاط أحدث ضرراً نفسياً بالكثير من المشتغلين بالمسرح؛ حيث إن الاكتئاب يعم كل الفنانين حول العالم»، وطالب كرامة الفنانين الإماراتيين، بعدم التوقف عن التدريبات، من أجل الحفاظ على لياقتهم، ففقدان الجاهزية البدنية مسألة تضر الممثل.

ودعا إلى ضرورة أن تكون هنالك خطة واستراتيجية من أجل تجديد المسرح عقب الجائحة، بصورة تواكب المتغيرات الكبيرة التي طرأت على العالم بسبب «كورونا»، وذلك الأمر يتطلب جهداً فكرياً من قبل المشتغلين بالمسرح.

ولفت كرامة إلى أن حالة الشعور بالبؤس قد تسللت إلى الجمهور وعلى الرغم من أنه يحاول أن يبحث عن متنفس آخر في بقية الإبداعات الأخرى، فإنه يظل يفتقد إلى «أبو الفنون»، لأنه يقدم شكلاً ومضموناً وطرحاً مختلفاً، فالمسرح معايشة، ولا يتحقق شرط الفرجة إلا بالتفاعل المتبادل بين الخشبة والجمهور، وذلك هو السبب الذي جعل من المنصات الافتراضية حلاً غير مجد بالنسبة لنقل العروض المسرحية، لأن السمة التي تميز المسرح هي الاتصال المباشر بين الممثل والمتلقي؛ حيث تنشأ كيمياء غريبة وعلاقة مختلفة، لذلك فإن كل العالم قد تأثر بغياب «أبو الفنون».

اتجاه آخر

من جانبه، ذهب الممثل الدكتور حبيب غلوم، في اتجاه مختلف، عندما أكد أن المسرح يشهد تراجعاً كبيراً في كل العالم، بفضل الوسائط والتقنيات الجديدة وثورة الاتصالات، وجاء وباء كورونا ليزيد الأمر تعقيداً، ويرى غلوم أن كل تطور يحدث، وكل جديد يأتي يسحب البساط من القديم، وذلك ما حدث تماماً بالنسبة للمسرح؛ حيث كان لمواقع التواصل الاجتماعي تأثيرها الكبير على جمهور المسرح.

وأكد أن النشاط الدرامي في الإمارات قد تراجع بفعل الجائحة، وطالب غلوم بضرورة وضع خطة واضحة لعمل المسرح في الإمارات؛ بحيث يبذل فيه جهداً أكبر ويوضع ضمن خطط التنمية، مشيداً بتجربة الشارقة في دعم المسرح.

وشدد غلوم على أن المنصات الافتراضية لم تنجح في التعامل مع المسرح، وذلك لأنه لم يتم الاشتغال عليها من قبل؛ بل تم اللجوء إليها اضطرارياً بفعل جائحة كورونا، ويقول: «من المهم الاستمرار في التعامل مع الوسائط الافتراضية حتى ترسخ وتصبح ضمن ثقافة المجتمع».

أفق جديد

أكد د.حبيب غلوم، أن غياب الجمهور عن المسرح، هو المعضلة الأساسية، أكثر من الجائحة، ومن الضروري التفكير فيها بصورة مبتكرة وخلاقة؛ بحيث يبحث المسرح عن الجمهور وليس العكس، و هنا لابد من الاهتمام بمشاكل الناس وشواغلهم بعروض تعبر عنهم وعن قضاياهم الأساسية حتى يصبح للمسرح جمهوراً، ويقول: «لقد فرضت الجائحة على المشتغلين بالمسرح في كل أنحاء العالم واقعاً جديداً؛ بحيث صار الجميع منشغلين بالبحث عن أفق جديد وواقع أفضل لهذا الفن الجميل؛ بحيث يتصالح مع الحداثة ومبتكرات العصر».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"