نتنياهو والديمقراطية

03:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

في كل يوم، يقدم قادة الطغمة اليمينية الحاكمة في «إسرائيل» الدليل تلو الآخر على عنصريتهم المتطرفة، التي تكشف زيف ادعاءاتهم حول الديمقراطية، معيدين إلى الأذهان فلسفة الدعاية النازية، التي مثل بول جوزيف جوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازية، مهندسها الرئيسي، والتي تقوم على الكذب تحت شعار يقول: «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس».
وعلى الرغم من أن مقولة جوبلز هذه أعطت نتائجها في ذلك الوقت، فإنها باتت مستهلكة، بل وغير مجدية في عصرنا الحالي، حيث سيطرت تقنية المعلومات، والإنترنت والفضائيات على العالم، ناهيك عن وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت منصات إعلامية تفوق في سرعتها أحياناً وسائل الإعلام التقليدية المعروفة، وحتى وكالات الأنباء المتخصصة من خلال ما تقدمه لمستخدميها من مجالات حيوية للتواصل والتفاعل الإيجابي.
والحقيقة أن من يتتبع السجال القائم في «إسرائيل» حول تشكيل الحكومة الجديدة، لا يحتاج لمزيد من العناء لاكتشاف مدى هيمنة العنصرية المتطرفة وخطاب الكراهية ضد الآخر، على عقول هؤلاء الصهاينة، الذين يمثلون ترجمة حقيقية للأفكار النازية على الأرض.
ففي معرض رده على التصريحات التي تصدر عن حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة ليبرمان، حول إمكانية سعي الأخير من أجل إنشاء حكومة أقلية بدعم من أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة، بهدف الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للوفاء بشروطه لتشكيل حكومة وحدة، رد نتنياهو بعبارات واضحة تكشف حقيقة أفكاره ومواقفه العنصرية المعادية للعرب، متسائلاً عبر شريط مصور: هل جننتم؟ ويضيف: «لدي هنا تلفون أحمر، كل مساء يرن، يبلغونني ويسألون: رئيس الحكومة، يجب أن نهاجم هنا، يجب أن نهاجم هناك. ماذا أبلغهم، لحظة، يجب أن أفحص الأمر مع أيمن عودة؟ أو أفحصه مع أحمد الطيبي؟ هل يمكن لأحدهم أن يتصور أن مثل هذا الأمر يمكن أن يحدث في تاريخ «إسرائيل»، الأمر الذي سيشكل خطراً أمنياً وجودياً على «إسرائيل»، وصفعة للديمقراطية الإسرائيلية».
ويمضي نتنياهو في تحريضه على العرب قائلاً: «إن هؤلاء الشركاء، والذين سترتبط حكومتكم بهم، كانوا يريدون محاكمتكم مثل باقي الجنود الآخرين كمجرمي حرب».
ورغم أن السجال القائم حالياً، هو مرحلة عض الأصابع بين نتنياهو، وخصومه، وعلى رأسهم زعيم حزب «أزرق أبيض» بيني جانتس، وأفيجدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، فإن تصريحات نتنياهو تكشف مدى زيف وكذب الدعاية «الإسرائيلية»، التي تحاول تصوير «إسرائيل» باعتبارها واحة للديمقراطية، حيث تثبت هذه التصريحات العنصرية، أن ما تسمى بالديمقراطية «الإسرائيلية»، ليست سوى يافطة مهترئة تخفي حقيقة الخطاب الصهيوني العنصري، والمفعم بالكراهية بحكم النشأة والجذور.
لكن المفارقة الأهم هي أن هذه الدعاية «الإسرائيلية» المتطرفة، تفقد قدرتها مع الزمن، حتى في أوساط «الإسرائيليين» أنفسهم، حيث أثبتت انتخابات الكنيست الأخيرة التي جرت في السابع عشر من سبتمبر/أيلول الماضي أن الناخب «الإسرائيلي» لم يمنح ثقته المطلقة لنتنياهو، أي أن يمنحه أغلبية من مقاعد الكنيست تحفظ ماء وجهه في تشكيل الحكومة، لا سيما أن نتنياهو يواجه تهماً بالفساد وتلقى الرشى، وخيانة الأمانة، وأنه فقد ثقة حتى الناخبين «الإسرائيليين» أنفسهم، رغم هيمنة اليمين المتطرف في «إسرائيل».
وإذا ما عدنا إلى حملة نتنياهو الانتخابية التي حاول خلالها استثمار إعلان القدس عاصمة أبدية للدولة الصهيونية، ونقل السفارة الأمريكية إليها رسمياً، وضم هضبة الجولان السورية إلى «إسرائيل» بموافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً، وغيرها من الوعود التي باءت بالفشل.
فلا أكاذيب نتنياهو، ولا تحالفاته مع الإدارة الأمريكية، كانت كافية لإنقاذ سمعة جوبلز «إسرائيل» الذي يتشدق بالديمقراطية، ويمارس أعتى وأبشع أنواع التطرف العنصري، مثله في ذلك مثل قادة «إسرائيل» كلهم.
أخيراً، لا بد من القول: إنه كما انكشف زيف وخداع الدعاية النازية، سيكتشف العالم عاجلاً أم آجلاً حقيقة «إسرائيل» وديمقراطيتها المزيفة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"