دمار واحتلال طويل

02:20 صباحا
قراءة دقيقتين

التحذير الذي أطلقته قبل يومين الولايات المتحدة الامريكية من انفجار محتمل في أي وقت لانابيب النفط العراقية المتهالكة، وما سيترتب عليه في حال وقوعه من جر العراق الى كارثة جديدة وانهيار عائداته من تصدير النفط الخام، وحدوث انخفاض مدمر في إجمالي ناتجه المحلي، وإلحاق أضرار جسيمة بالسوق الاقتصادي العالمي، اضافة الى احتمال وقوع كارثة بيئية خطيرة، يجعلنا نتساءل: من المسؤول عن هذا الاهمال الخطير؟ ولماذا ترك الاحتلال الجاثم على صدور العراقيين وثرواتهم النفطية اكثر من خمس سنوات الأمر، الى أن وصل الى مرحلة الخطورة والتحذير من انفجار وشيك متوقع في أي لحظة، حسب وثيقة للكونجرس الأمريكي لم يُكشف عنها من قبل وحصلت عليها صحيفة فايننشال تايمز؟

الاجابة على هذه التساؤلات لا تحتاج الى كثير عناء، فمنذ اليوم الأول للغزو عمد الاحتلال الى التدمير وزرع بذور الفتنة الطائفية والشقاق بين العراقيين، ورواها بدماء الابرياء والاطفال والنساء تحت مظلة الحرب ضد الارهاب، والنتيجة اثمرث خرابا ودمارا طال العراق ارضا وشعبا وشمل النواحي كافة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا.

اين ادعاءات الرئيس الامريكي جورج بوش ووعوده للعراقيين بتوفير حياة افضل وعيش رغد؟ اين حرية العراق والديمقراطية التي قال عنها انها ستكون نموذجا يحتذى في منطقة الشرق الاوسط؟ أين وأين وأين؟ اسئلة كثيرة ومحيرة ستظل تطارد بوش قبيل وبعد رحيله عن البيت الابيض طاويا 8 سنوات من الكذب والنفاق وانتهاك الحريات.

تحذير الكونجرس تزامن مع مساع امريكية لتمرير الاتفاقية الامنية مع بغداد عبر وسائل ضغط وابتزاز تمثلت في اطلاق اتهامات من قائد قوات الاحتلال في العراق الجنرال ريموند اوديرنو، الى ايران بتقديم رشاوى للنواب العراقيين الذين اعتبروا الاتهامات الامريكية بمثابة ابتزاز لمواقفهم الوطنية الصحيحة. واشنطن بهذه المحاولات الرخيصة تثبت للعالم فشلها الذريع بعد كل هذه السنوات، وبكل ما تمتلكه من جيش جرار ومراكز وماكينة اعلامية، في كسب حرب العراق أو حتى قلوب العراقيين، بل كانت الهزيمة وفقدان المصداقية هي الحصاد، اضف الى ذلك الكراهية العمياء التي كسبتها من معظم شعوب العالم نتيجة سياستها العدوانية.

ادارة بوش مصممة على الهدف الذي رسمته منذ أن اطاحت بنظام صدام حسين، وهو تدمير العراق ارضا وشعبا وثروات، وتحقق لها ما ارادت من تدمير للبنى التحتية وتخريب، واشعال حرب طائفية، ونهب ثروات وما تبقى مهدد بكارثة وشيكة الوقوع. واشنطن لم تكتف بعد بل تريد المزيد، وها هي الآن وقبيل رحيل بوش وطاقمه تحاول تكبيل الرئيس الامريكي المقبل باتفاقية امنية نجحت الى حد ما في تمريها مبدئيا، تسمح ببقاء قوات الاحتلال في العراق ثلاثة أعوام تنتهي نهاية عام ،2011 قابلة للتمديد اذا طلبت بغداد منها البقاء لفترة أطول، ما يعني ان العراق مبشر بطول احتلال وبمزيد من الدمار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"