عفواً معلمي «العربية»

02:27 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

هناك بعض معلمي اللغة العربية، يعتقدون خطأ أن دورهم التربوي، يقتصر على تدريس المناهج والانتهاء من المقررات، وتجهيز الطلبة للامتحانات، ويهملون الفنون والعلوم المنبثقة من «لغة الضاد»، مثل «الخطابة»، العلم الذي له أصول وقوانين تحكُمه، ويستحق الإعداد والاستعداد، لا سيما لو لدينا عناصر طلابية ذات مواهب فطرية في هذا الشأن.
قادتني مهام عملي لأكون جزءاً من تفاصيل مسابقة حول «الخطابة»، ضمن مبادرة عش العربية، إذ سجلت التصفيات قبل النهائية حضوراً فكرياً لافتا ل 32 طالباً وطالبة من 15 مدرسة، وثقة بالنفس لا يحدها حدود، وشجاعة أدبية وجدت لها نصيباً لدى جميع الطلاب، فجميعها صفات تحاكي المقومات الأساسية للخطيب.
ولكن ما اصطدمنا به، نراه في عدم معرفة الطلبة لفنون الإلقاء، والتحكم في درجات الصوت، والعشوائية في تعبيرات الجسد، أما «الفصحى» وإن وجدت، فمعظم مخارج الحروف غير صحيح، أما الأخطاء النحوية فحدث ولا حرج، جميعها أخطاء تقع على عاتق معلمي «لغة الضاد»، وتضع علامات استفهام حول آليات عملهم، وتدل على غياب التدريب والتوجيه المسبق للطلبة، ولم نملك هنا سوى القول «عفواً معلمي» العربية.
تفاصيل المشهد طرحت العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات وافية وواضحة وصريحة، أولها: إن كان لدينا في مدارسنا طلبة وطالبات يتمتعون بمهارات الخطابة ومقوماتها، فأين جهود معلمي «العربية» في تنمية تلك المهارات وتعزيز هذه المقومات، وضبط إيقاع الأداء والإلقاء، ولماذا نتعامل مع تلك المبادرات على أنها «قضاء واجب» ونهمل آثارها الإيجابية في تحقيق جودة مستويات أبنائنا في لغة القرآن الكريم، ولماذا لا نعتبرها مؤشراً نقيس من خلاله مدى تقدم وتطوير أداء الطلبة؟
نعلم أنّ مُخاطبة الجمهور لإقناعِهم، فن قديم، تطور مع تطور قدرات الإنسان ومراحل حياته، وبات علماً مهماً من العلوم التي تعتمد عليها الأمُم، لاسيما بعد الغزو الثقافي والفكري والإعلامي الذي أصاب المجتمعات مؤخراً، فكان سبباً في تزييف حقائق وانتشار أكاذيب وإفساد عقول.
في الواقع، هيئة المعرفة والتنمية البشرية أدت دورها واحتضنت المبادرة، ووزارة التربية والتعليم شاركت في التحكيم، ومدرسة العالم الجديد بادرت بفكرة السباق، ولكن أعتقد أن بعض معلمي «لغة الضاد» بالمدارس، في حاجة إلى تصحيح مفاهيم الواجبات والمهام، واستعادة ما سقط منهم في رسالة «العربية» وكيفية توظيف مهارات الطلبة، فالعلم ليس مناهج ومقررات، بل معارف وعلوم وبناء عقول، ويبقى السؤال: لماذا لم يكن لدينا خطيب من أبنائنا الطلبة في كل مدرسة مادام لدينا المقومات؟ لاسيما في عصر اختلط فيه الحابل بالنابل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"