الإنفاق على الأقارب

03:04 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

الإنفاق على الأقارب ليس متروكاً لهوى الإنسان بحيث يحكمه حبه أو كرهه لهم؛ فإذا أحب أعطاهم وإذا كرههم أمسك عنهم، كلا بل جعله الله تعالى واجباً من الواجبات، وفي الحديث: (إن صحابياً قال للرسول صلى الله عليه وسلم: من أبرّ؟ قال الرسول: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أباك ثم الأقرب فالأقرب).
فمثل هذا الحديث يدل على وجوب الإنفاق على الأقارب، وبما أن القرابة درجات فإن الفقهاء فرقوا بين الأب والأم، والابن والبنت وبين سائر الأقارب، فالأول أصل والثاني فرع، وهذان هما أقرب الأقارب ولهما الخصوصية؛ لذلك فإنه يجب عليك أن تنفق عليهم بشرط:
١- أن تكون أنت غنياً بحيث يزيد ما عندك على نفقتك ونفقة زوجتك.
٢- أن يكون أصلك أو فرعك محتاجاً لا مال عنده أو عنده مال لكن لا يكفيه أو يكون عاجزاً.
٣- أن يتحد دينك ودينه.
وإذا كان قريبك من الدرجة الثانية أي من سائر أقاربك فإنه يجب عليك أن تنفق عليه إذا توافرت الشروط التالية:
١- أن تكون أنت غنياً تملك ما يزيد على حاجتك وحاجة زوجتك.
٢- أن يكون هو محتاجاً كما قلنا غير قادر على الكسب.
٣- أن تكون أنت ممن ترثه إذا مات.
الإسلام يوجب الإنفاق على الأقارب، لأنه ينظر إليهم نظرة شمولية، فأنت وهم في النهاية تكونون كياناً اجتماعياً واحداً ولو صغيراً، فالتواصل معهم صلة رحم وتعاون على البر والتقوى وصدقة، وعلى المسلم أن ينفق عليهم طوعاً وإلاّ ينفق عليهم بحكم القضاء، قال تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً) (الآية ٧ من سورة الطلاق).
ومن العلماء من أوجب عليك أن تنفق على الوالدين حتى لو كانا غنيين وكانا قادرين على الكسب، والحكمة في استثناء الوالدين وإن علوا أن هؤلاء خدمتهم من الواجبات العظيمة كما يقول الدكتور حسن عبدالغني أبوغدة، وتوفير الراحة لهم من أقدس أنواع البر والطاعات.
وإذا كان لك أكثر من ابن فإن الإنفاق عليك كأب يكون مشتركاً بين أبنائك ويستثنى منهم الفقير أو العاجز.
والإسلام لا يترك من لا أقارب له للضياع، بل أوجب على الحاكم أن يقوم بالإنفاق عليه، ولا فرق في ذلك مع الحاكم بين المسلم وغير المسلم، فقد ذكر أبو يوسف في كتاب «الخراج» أن عمر رضي الله عنه مر بشيخ كبير في السن ضرير يطرق الأبواب يسأل الناس أموالهم، فعرف أنه من أهل الكتاب.
قال عمر له: ما ألجاك إلى هذا؟ قال: الحاجة والشيخوخة، ثم أخذ عمر بيده وذهب به إلى بيت المال وقال لخازنه: والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبابه ثم خذلناه عند الهرم، وأمر بأن يصرف له ولأمثاله راتب شهري.
ولكي لا يتأفف أحدكم من الإنفاق على الأقارب أذكركم بقول الله تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) (الآية 195 من سورة البقرة).
والحديث يقول: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) (متفق عليه).
ومن فضل الإحسان إلى الأقارب ماورد في الحديث: (إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا وما من أهل بيت يتواصلون فيحتاجون).
إذن الإنفاق على الأقارب فيه فضل كبير فينبغي ألاّ نفوت هذا الفضل على أنفسنا، ولا نقع تحت تأثير الزوجة أو أحد الأبناء، ولا نخشى من الفقر، ونبتعد عن التباغض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"