الأبعاد الجديدة لإدارة الأولمبياد

22:07 مساء
قراءة 4 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي * 

لقد ظهرت النظم الخبيرة لتنظيم المسابقات الرياضية في جميع أنحاء العالم باستخدام التكنولوجيات الجديدة. تقاسم وتبادل المعلومات هو عنصر حاسم في النظام الأوليمبي العالمي على نظام لم يسبق له مثيل. في عام 776 قبل الميلاد، عقدت أول دورة للألعاب الأولمبية خلال العصور القديمة. وإذا كان لنا أن نعود للفترة المعاصرة، ففي 1989، شهد العالم، على سبيل المثال، أطول مسابقة مشي من نوعها تم تنظيمها في العالم من باريس إلى بكين (قرابة 18000 كم). وعبر المشاركون 12 بلداً في قارتين واحتفلوا بهذه الطريقة بالمئوية الثانية للثورة الفرنسية علم 1789 وبمرور 40 عاماً على تأسيس جمهورية الصين الشعبية ووصلوا بكين يوم 14 يوليو 1989. في عام 2000 أقيمت دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في الألفية الثانية، ثم عام 2004 أقيمت أول دورة في الألفية الثالثة. وطوال تلك السنوات تم الحفاظ على فكرة الأسرع والأعلى والأقوى.

يرتبط التطور من المستوى الوطني إلى العالمي لأربعة من مصادر تمويل الحركة الأولمبية، وهي البث التليفزيوني والرعاية ومبيعات التذاكر وتسويق بعض الرموز الخاصة بالمنافسات الأولمبية (العملات والطوابع) ارتباطاً وثيقاً بالاتجاهات الأربعة للتغيرات المكانية والكمية العالمية وهي:

أ- تبنى مؤسسو الألعاب الأولمبية الحديثة فكرة الألعاب الهيلينية وآثروها بمميزات جديدة مثل منحها صفة العالمية من خلال دعوة الشباب من جميع أنحاء العالم إلى المنافسة دون أي تمييز. تنقل دورة الألعاب الأولمبية مع الشعلة الأولمبية، الرسالة النبيلة للسلام والوئام في جميع أنحاء العالم.

ب- التطوير المستمر للتعليم الرسمي وغير الرسمي وهذه حقيقة قد قررت إدراج نسبة متزايدة من السكان الشباب ضمن مجال عمل التربية البدنية المؤسسي.

ج - كان خلق وقت الفراغ، كواقع اجتماعي دائم وسوف يستمر المنطلق لتوجيه البالغين نحو ممارسة التمارين البدنية.

د – التداول والتحول المكثف للقيم المحددة لهذه الظاهرة التي تدعمها الظروف المعاصرة لحضارتنا.

وباختصار تتمثل آثار العولمة كعملية على المصادر المذكورة أعلاه في:

ا- أدت عولمة وسائل الإعلام وسلوك المستهلكين لاهتمام عالمي بالرياضة وبالألعاب الأولمبية وحتى الآن ظلت الإيرادات من الولايات المتحدة التي ما زالت السوق الأكثر أهمية لحقوق البث بعد دورة عام  1984. 

ب- تحول عولمة السوق الشركات المتعددة الجنسية إلى شبكات افتراضية ذات ارتباطات قوية في الإعلانات في جميع أنحاء العالم. تأتي أعلى الإيرادات من الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث توجد العديد من الشركات الدولية المتخصصة. في المقابل تأتي العائدات من الشركاء في الألعاب الأولمبية خاصة من البلد المضيف. وتظهر بيانات جنسية الشركاء في الألعاب الأولمبية من عام 1985 حتى عام 2000 أن معظم الشركات التي دعمت برامج التسويق TOP بهدف تعزيز دورة الألعاب الأولمبية كانت من الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 81 %.

ج - تقلل عولمة التكنولوجيا الحواجز السابقة التي كانت موجودة بين المدينة المضيفة والمتفرجين. فعدد التذاكر المبيعة في الخارج تحدده تسهيلات الإقامة في المدينة المضيفة واتساع الملاعب أكثر مما تحدده مشكلات النقل (باستثناء دورة طوكيو هذا الصيف، حيث جائحة كورونا فرضت أن يكون المتفرجون من المدينة المضيفة واليابانيين وهذا ظرف استثنائي بالطبع)

د- عولمة التكنولوجيا تفضل جمع العملات والطوابع والزينة التذكارية وهم من مصادر تمويل المسابقات الأولمبية. ونشير هنا إلى عدد من الظواهر:

الظاهرة الأولي، أن رسوم الطوابع كثيراً ما تحتوي على صور للرياضيين من الدولة التي تضم أكبر سوق لجمع الطوابع. الظاهرة الثانية تاريخ إصدار الطوابع يتم قبل الدورة الأولمبية بسنوات. الظاهرة الثالثة يمكن أن نلاحظ أنه إذا كانت الدولة المضيفة فقط بدأت في إصدار الطوابع، فقد لحقت بها الدول المشاركة في إصدار الطوابع الأولمبية. علاوة على ذلك فحتى الدول التي لم تمثل في هذه المنافسات تقوم بإصدار هذا النوع من الوثائق الذي يشير للعولمة المكانية القوية (عدد الدول المصدرة) والعولمة الكمية (تكثيف التبادلات بين جامعي الأشياء المختلفة). ومع ذلك إذا لم تعرف لجان التنظيم والسلطات كيفية الاستفادة الكاملة من هذه الأحداث، يمكن أن تكون هناك نتائج غير سارة كما هو الحال لمدينة مونتريال والتي بعد تنظيم دورة 1976 سجلت عجزاً قدره مليار دولار. فالإدارة الحذرة لهذه الأحداث تجلب الأرباح لمنظميها، كما حدث في حالة الألعاب الأولمبية التي استضافتها لوس أنجيليس في عام 1984عندما كان هناك 250 مليار دولار فائض على الرغم من الحكومة الأمريكية لم تساهم ولا حتى ببنس واحد. وفي دورة سيول عام 1988 سجلت كوريا الجنوبية أرباحاً قدرها 300 مليار دولار. بعد أربع سنوات عام 1992 حققت برشلونة ربحاً لا يتجاوز خمسة ملايين دولار. وفي عام 1996 أعلن منظمو دورة أتلانتا عن تحقيق ربح قدره عشرة ملايين دولار. يوضح هذا النهج أن الاستراليين حققوا أعلى الأرباح بعد دورة سيدني 2000 ؛ حيث أعلن المنظمون عن أرباح قياسية قدرها 1.756 مليار دولار. ولكن كان الوضع مختلفاً تماماً في حالة اليونانيين الذين نظموا الدورة الأكثر تكلفة حتى ذلك الحين، حيث بلغ العجز في الميزانية اليونانية 5.3 % عام 2005 وهي السنة التي تلت الدورة الأولمبية عام 2004 بسبب العبء المالي البالغ 7 مليارات دولار. والبرازيل أنفقت 15 مليار دولار حين استضافت دورة الألعاب الأولمبية في ريودي جانيرو عام 2016 ويأتي أولمبياد طوكيو ليزيد العبء المالي على تلك المدينة بسبب تأجيل أولمبياد طوكيو لمدة عام وأسباب أخرى تتعلق بالتعامل مع آثار تفشي فيروس كورونا.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"