رحلة الشعر بين قرطاج والشارقة

02:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

التقيت في تونس العديد من الشعراء المشاركين في أيام قرطاج الشعرية في دورتها الأولى، محمد علي شمس الدين وحميد سعيد وغسان زقطان وعبد القادر الحصني والمنصف المزغني والمنصف الوهايبي ويوسف أبولوز وعمر عناز وشيرين العدوي وغيرهم من الذين سمح الوقت بلقائهم مع بعض الشعراء الشباب أمثال داوود التيجاني ونصري عرادي وشريفة بدري وعلا خضارو الذين قدّموا الدهشة خلال هذه الأيام الشعرية البهيجة التي احتضنتها مدينة الثقافة بتنظيم من وزارة الشؤون الثقافية بتونس بمتابعة وزيرها الشاعر محمد زين العابدين وبإدارة الشاعرة جميلة الماجري مديرة بيت الشعر في القيروان.
أثبتت هذه التظاهرة بتنظيمها الأنيق وحضورها الجماهيري اللافت المحب في بلد مضياف يستقبل ضيفه بابتسامة، ويقول له «مرحبا بك» إن الشعر لا يزال وسيبقى هو المتصدر للمشهد والأقدر على مخاطبة وجدان الأمة، وجمعهم تحت مظلته التي تقدم الورد وتنثر العطر وتعيد التوازن للإنسان، ويجد فيها ملتجأ يهرب إليه من ويلات الحروب ورتابة الحياة وشظف العيش، وقد ظلت أيام قرطاج الشعرية حلماً يراود الكثير من الشعراء في تونس، ولمست هذا من خلال أحاديث مطولة على هامش الأيام عن مدى تلك الرغبة التي عاشت أعواماً طويلة في انتظار غيمة الشعر التي تروي عطش الروح وتذهب ظمأ الشعور، هذه الرغبة التي ولدت في الشعراء الغيرة على الشعر وهم يسمعون أو يشاركون في تظاهرات شعرية في بعض الدول العربية التي فتحت للشعر أبواباً تنطلق منها إلى سماء الإبداع وتحلق ببهاء في فضاء المعرفة وتبحر سفن البوح على أمواج تأخذها إلى ساحل يستقبلها بالفرح والأهازيج، ومثلما تحقق حلم الأيام تحقق كذلك حلم افتتاح مدينة الثقافة في شارع محمد الخامس والذي يعد صرحاً أدبياً، ينم عن رغبة عارمة في أن يكون للثقافة مكان يتسع باتساع مساحة المعرفة في بلد اهتم كثيراً بترسيخ العلم والرهان عليه في بث روح متطلعة إلى بناء الوطن عبر هذا الطريق الذي يضيء دروب العتمة ويكشف ظلام الجهل.
ولم تغب الشارقة عن قرطاج، فقد كانت حديث المشاركين في سمرهم وفي اللقاءات الكثيرة بعد الفعاليات مع العديد من الشعراء والمثقفين الذين شاركوا في هذه الأيام، وفي الحافلة التي تقلهم، فكان مشروع الشارقة الثقافي الكبير الذي يرعاه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يستحوذ على اهتمامهم وينظرون إلى هذا المشروع نظرة تقدير لما قدّمه للأمة من ثراء معرفي ستذكره الأيام بفخر واعتزاز، وكان الحديث مطولاً عن مبادرة صاحب السمو حاكم الشارقة بإنشاء بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي التي سعت إلى التكامل الثقافي والتواصل الإنساني بين الشعوب ونشر ثقافة المحبة والسلام، وعن بيت الشعر في القيروان الذي استحوذ على اهتمام العديد من الشعراء، وعن رغبتهم في زيارة هذا البيت وإلقاء أشعارهم في جنباته وأمام جمهوره الذي تربت ذائقته على الشعر العربي الأصيل الذي جدد خطابه ولغته ومضامينه، فأصبح جاذباً للذائقة محفزاً على التنافس في مناخ حميمي يتطلع إلى أن تعيش القصيدة مجدها الذي عرفت به، وتحقق لبعضهم هذا الحلم، فأقيمت في انتهاء أيام قرطاج الشعرية أمسية في هذا البيت شارك فيها الشاعر العراقي عمر عناز والشاعرة المصرية شيرين العدوي مع الشاعر التونسي سامي الذيبي، وتميزت بالحضور الجماهيري المحب، مثلما تميزت الأيام كذلك، فشكراً أيها الشعر الذي جمعتنا على المحبة والسلام، ونقول بالتونسي «يعيشك».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"