الغواص بوأحمد.. عبدالرحمن المري (1)

05:27 صباحا
قراءة دقيقتين

الشعراء والأدباء في أي مجتمع، هم الناس، كما يقول أحمد شوقي..

جاذبتني ثوبي العصي وقالت:

أنتم الناس أيها الشعراء

وكان المجتمع العربي في جاهليته واسلامه يوقر أدباءه وشعراءه وكانت العرب اذا نبغ فيهم شاعر أقاموا له حفلات تكريم، لأن الشاعر هو وجه القوم، وهو وجه القبيلة، وكان بمثابة وزير إعلام وإرشاد في عصرنا الحاضر، وكان الأديب يتقدم على الشجعان في القبيلة، وله الريادة بين القوم.. وكان يذكر في نواديهم قبل الكماة والشجعان..

ومسطر التاريخ خص أديبه

بالذكر قبل كميه المغوار (1)

ولو لم يكن أبو الفوارس عنترة عنترة بن شداد العبسي شاعراً مجيداً في نظم الشعر، ومنافحاً عن قومه بالشعر أكثر من السيف، لكان شأنه شأن غيره من فرسان العرب العاديين.. ولكن عنترة تجلى في شعره وأدبه أكثر من الفروسية، وعلمت الناس بشخصيته الكبيرة وأخلاقياته العالية من خلال شعره في المعلقة.. ولذلك أصبح أبو الفوارس شخصية متميزة.

يخبرك من شهد الوقيعة أنني

أغشى الوغى وأعفّ عند المغنم

ويقول في سمو أخلاق عال:

وأغض طرفي إن بدت لي جارتي

حتى يواري جارتي مأواها

ويقول ناقد: يكفي أن يأتي الشاعر ببيت واحد من الشعر يجيد فيه معنى ولفظاً، ليقال عنه أن فيه منجماً من ذهب.

وهناك من الشعراء من ينبغي علينا أن نأتي إليهم ولا يأتون إلينا.. أي علينا أن نسير إليهم وإلى لقائهم أكثر من أن تتوقع أن يأتون إلينا، وبهذا السلوك نثير لدى هؤلاء العبقرية الشعرية والثقة بالنفس، وأن ما ينتجه من الشعر ويقوله هو موضع تقدير واحترام من الناس.

وعندي في هذا الحديث العرضي مثال لشخصية الأديب والشاعر الاماراتي.. المعتز بنفسه وما عنده من مخزون أدبي، هو الأستاذ بو أحمد عبدالرحمن المري الذي عنونت المقال عنه ب الغواص واقتبست هذا العنوان من كتاباته.

بو أحمد، عبدالرحمن ينتمي إلى أسرة وعشيرة في دبي كانت تمتهن الغوص، شأنها شأن أسر عدة، من الاماراتيين الذين كان الغوص في لجج الخليج والبحث عن اللؤلؤ مصدر حياتهم وأرزاقهم حتى الأربعينات من القرن الماضي..

ولكن ليست مهنة الغوص هي التي جعلتنا نسمى أبا أحمد غواصاً، بل لأنه في الحقيقة غواص ماهر في الفكر وفي معاني الحياة، أبعادها، صفاتها، كنه العيش فيها، وانتهاء العيش بالرحيل عنها.. نسمع بو أحمد، في هذه النغمة الحزينة التي تلفها غمامة من الحيرة، بعنوان عصر الصورة.

في عصر الصورة تختفي

تقتلني العبرة

تدميني، تضحكني، ترميني

في كل محطة

تنقلني، في رؤيا خيال، وحقائق

ترهقني في تلك الرحلة

أيامي، ساعاتي، أحلامي، هموم

آمالي، خيال مبعثرة

دنياي، دنياكم، صورة

تتراءى، تتكرر، تتنقل

تؤلمني، تؤلمكم، تسحرني، تسحركم

تبقى في الضمير، تترحل

تشعرني، تشعركم، تضعفني، تضعفكم

تترككم، تتساءلون، وتجفل

للحديث صلة غداً إنشاء الله

(1) الكمي هو البطل الشجاع

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"