نحن العرب وحكاية الدب المنقذ

03:12 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبد العزيز المقالح

لا تكاد مقولة الدب وصاحبه تنطبق على حالة، كما تنطبق على حالة بعض العرب، الذين يعالجون مشكلاتهم صغيرة كانت أو كبيرة بطريقة الدب الذي حاول إنقاذ صاحبه من الذبابة التي تحوم حول جبينه، فألقى عليها صخرة نجحت في تهشيم رأس صاحبه، ولم تنجح في القضاء على الذبابة.
وهكذا تماماً، هو حال من يستعين على مواجهة مشكلاته بالآخر الأجنبي، فيكون بذلك قد ألقى الصخرة على رأس الوطن، وأنهت شيئاً كبيراً ومهماً اسمه السيادة الوطنية. وكان في المقدور الاقتراب من المواطنين والاحتكام إلى الحلول الديمقراطية.
ولعل أسوأ ما أدت إليه الاستعانة بالآخر الأجنبي والإقليمي، أنها جعلت الوطن ساحة مفتوحة للمتنافسين والطامعين، الذين وجدوا فرصتهم سانحة لإثبات وجودهم والفوز بنصيب من الغنيمة.
إن حكاية الدب وصاحبه، تتكرر في أكثر من قطر عربي، وتعكس حالة صراع الطامعين وأحلامهم. ويبدو أن الحالة الراهنة بمفارقاتها الغريبة، قد بدأت مع العراق الذي استنجدت معارضته بالقوى الأجنبية لتمكينها من الحكم الذي استأثر به فرد واحد، وفئة واحدة، ولم تتردد القوى الأجنبية في خوض المعركة نيابة عن المعارضة التي لم تتسلم الحكم؛ بل اكتفت بمشاركة الأجنبي بعض المهام الوظيفية التي تبرر وجوده واستيلاءه على الثروة، وحراسة أماكنها، وهو ما يحدث حتى الآن.
وما حدث في العراق يكاد يتكرر مع اختلاف في الاستعانة. وكما أحاطت القوى الأجنبية والإقليمية، بالعراق، فقد أحاطت بالأقطار الأخرى، وتحوّلت من أقطار عربية مستقلة ذات سيادة، إلى أقطار ممزقة ومقطعة من القوى الأجنبية والإقليمية، وليس أمام الأمة سوى الألم والحسرة.
إن اعتماد الأنظمة والمعارضات العربية على العون الخارجي، في أي مكان، سواء في الوطن العربي أم في غيره من الأوطان، لا تؤدي سوى إلى نتيجة واحدة تتجسد في الضياع الشامل، وفقدان الوحدة والاستقلال، والشواهد الحاضرة في الوطن العربي، هي أكبر دليل على سوء المعالجات واختيار طريقة الدب في تخليص الوطن من مشكلاته.
ويمكن لنا أن نذهب إلى بعيد للاستزادة من الأمثلة، وذلك في حالة أفغانستان التي يبدو أنها لن تتعافى مما حلّ بها لأزمة قد تطول، وما يعانيه أبناؤها منذ ثلث قرن، هو فوق احتمال البشر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"