«كورونا».. عزل وعدل

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

للإنسان خصوصيته في نفسه وفي بيته وفي عموم مجتمعه، وظيفياً واجتماعياً، وما إلى ذلك من مفردات مجتمعية. وللفرد الحق في الإفصاح عن تلك الخصوصية أو جزء منها، ومن حقه الاحتفاظ بها لنفسه، وفي محيط دائرة اهتمامه، وخاصته من الناس، حتى في ما يتعلق بما يتعرض له من نوائب الدهر، من فقر وجوع وأمراض وأسقام من كل شكل ولون، ما قد يكون متوقعاً حدوثه أو فجائياً، سواء أكانت حالة خاصة به فقط، أم عامة جرّاء أزمات عالمية بما تحمله الأيام من أحداث لا تخطر على بال بشر، كما هو واقع في الحياة الآن، من الجائحة العالمية «كورونا»، المستعصية على الفهم والاستيعاب والقدرة على التحمل، بما أدى إلى نتائج وخيمة متمثلة في حصاد أرواح آلاف مؤلفة من البشر، دون تفريق بين إنسان وآخر، أو مراعاة لحالة وأخرى، وذلك نتيجة اختلاف طبيعة وقدرة كل جسم، ونتيجة استهتار بعض الناس، ممن لا يلتزمون بالمحاذير والإجراءات الاحترازية، التي تقرها الدول لمواطنيها وقاطنيها من الشعوب الأخرى.
 بعض الفئات البشرية التي اجتاحها ذلك الوباء، لا تراعي حرمة نشر العدوى بين الناس، فإن كان من حقها الاحتفاظ بخصوصيتها، وعدم الإفصاح عن ابتلائها بهذا العارض المرضي الخطر، إلا لخاصتها من الناس، فإن لزاماً على هؤلاء إخضاع أنفسهم لحجر ذاتي في منازلهم، وعدم تعريض المجتمع من حولهم لخطر الجائحة، التي تفتك بكل من يمكنها الوصول إليه، فما يصدر عن ممارساتنا الخطأ أو غير المسؤولة، نتيجة عدم المبالاة بالشيء، أو بسبب الجهل بفداحة ما نرتكبه من ممارسات، إنما هو بلاء عظيم على المجتمع والبشرية، بما يتسبب في خسائر فادحة في الأرواح والأموال وفي النهضة الوطنية الشاملة.
ترى: هل لابد من معاقبة هذه الفئة الخارجة على قانون الإنسانية والسلامة الصحية في المحيط القريب بما ينعكس سلباً على المجتمع الكبير بكل أفراده ومفرداته؟ هل لابد من احتجازهم في أماكن خاصة معنية بالحجر والعزلة لفترة تتجاوز المدة المطبقة حالياً على المصابين بالفيروس، حتى وإن كانت نتيجتا الفحص بعد الاحتجاز سلبيتين؟ فمدة الاحتجاز الإضافية هذه، بقدر ما هي عقاب وتهذيب، فهي اطمئنان على حالة المصابين أو المخالطين، المخالفين للذوق والآداب والأخلاق التعاملية مع كافة الأطراف المجتمعية التي لها حق الحياة بهدوء وسلام وأمن واطمئنان.
إذن، لنُصْغِ إلى الكاتب والعالم «أبهيجيت نسكار» وهو يهمس: (يمر العالم بفترة أزمة، سواء نظرنا إليها على أنها أزمة أو فرصة لإعادة تشكيل تفكيرنا، فإن ذلك يعتمد على كيفية رؤيتنا لها. لذا استغلّ هذه الفترة كدرس يعلمك كيف تعيش حياتك وتهتمّ بالإنسانية كلها في الوقت نفسه).

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"