عادي

الكشافون.. نظرة كرة القدم الثاقبة

14:51 مساء
قراءة 6 دقائق
البحث عن المواهب يحتاج إلى عين ثاقبة
البحث عن المواهب يحتاج إلى عين ثاقبة

إعداد: معن خليل
تعد مهنة الكشافين من الوظائف المهمة في الأندية، بل الأهم في كرة القدم الحديثة، ورغم أن ممارسيها يتلقون عادة مبالغ زهيدة لقاء عملهم، إلا أنهم في المقابل يثرون الأندية من خلال عملية بيع اللاعبين الجيدين، حيث تجني الفرق الملايين من ورائهم.
لطالما ذكر اسم أوريليو بيريرا وكارليس ريكساخ عند الحديث عن البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي، لأنهما كانا أول من آمن بموهبتي اللاعبين، في المقابل فإن هناك المزيد من الأسماء التي تعد ضمن نخبة مهنة مكتشفي المواهب ومن بينهم ستيف والش الذي يعمل حالياً مع نادي شارلوت الإنجليزي، واشتهر في ليستر سيتي بعدما اكتشف موهبة الفرنسي كانتي والجزائري رياض محرز، وكان أول من نصح إيفرتون بالتعاقد مع المهاجم النرويجي هالاند.

ستيف والش
ستيف والش مكتشف النجوم في ليستر سيتي

في المقابل، يتلقى أشهر كشاف مواهب حالياً في العالم رامون رودريغيز فيرديخو الملقب بـ «مونشي» الكثير من العروض الأوروبية، لكن نادي إشبيلية الإسباني هو من فاز به في فترتين توسطتهما مهمة قصيرة في نادي روما الإيطالي.
ولكل من هؤلاء قصته وطريقته في اكتشاف المواهب، لكن شهرة «مونشي» استمدها من كون إشبيلية أصبح الأكثر تصديراً للاعبين المميزين لأندية أوروبا الكبرى وبمبالغ كبيرة بعدما تم التعاقد معهم بأموال زهيدة، أما ستيف والش فيعرف عنه أنه صانع لقب ليستر سيتي التاريخي في الدوري الإنجليزي عام 2016 من خلال التعاقد مع عناصر كانت مغمورة وأصبحت شهيرة مثل محرز ونغولو كانتي والإنجليزي جيمي فاردي، وبالنسبة لجيراردو جوزمان فهو العين الثاقبة في تعاقدات أتلتيكو مدريد الناجحة التي قادته لمنافسة قطبي إسبانيا برشلونة وريال مدريد.
مهنة صعبة
وعندما يقال إن مهنة كشاف المواهب هي الأهم والأصعب في عالم كرة القدم، فإن الأمر لا يعد مبالغاً فيه، فمن يقوم بهذه الوظيفة هو من يحدد وبرؤية فنية ثاقبة إذا كان اللاعب يستحق الاهتمام به أم لا، لذلك فإن لاعبين نالوا شهرة واسعة سابقاً مثل دييغو كوستا ورداميل فالكاو وكارلوس باكا وداني الفيش ورياض محرز وكانتي وإيفان راكيتيتش وغيرهم، بعدما تم التعاقد معهم بأموال زهيدة ثم بيعوا بملايين اليوروهات لأندية أخرى، لذلك فإن الفضل الأول في ذلك يعود لمثل هؤلاء الأشخاص الذين تبقى صورتهم دائماً في الظل، قبل أن تصبح في العلن في الآونة الأخيرة مع تهافت الأندية الكبرى للتعاقد معهم.
ويعد ستيف والش واحداً من هؤلاء الكشافين، حيث لمع اسمه بعد فوز ليستر سيتي، الذي عد مفاجأة القرن، بلقب الدوري الإنجليزي عام 2016، لذلك سارع نادي إيفرتون للتعاقد معه في نفس العام بأوامر من الهولندي رونالد كومان الذي درب الفريق وقتها، لكن الهولندي ارتكب غلطة العمر عندما رفض التعاقد مع النرويجي هالاند باقتراح من والش عندما كان اللاعب بعمر 16 عاماً، وأكد له أنه سيكون إحدى أهم المواهب القادمة في عالم كرة القدم.
ويقول غاري لينيكر الهداف السابق لمنتخب إنجلترا والذي لعب مع ليستر في الفترة من 1978 حتى 1985: إن «والش قام بعمل رائع، وكان عاملاً رئيسياً في نجاح ليستر الخيالي»، وذلك في إشارة إلى أن رؤيته هي من دفعت ليستر للتعاقد مع لاعبين كانا ينشطان في دوري الدرجة الثانية الفرنسي وهما رياض محرز وكانتي، والظهير النمساوي كريستيان فوكس والمهاجم جيمي فاردي القادم من فريق فليتود تاون عام 2012 مقابل 1.3 مليون دولار وتمثل قيمته السوقية الآن نحو 35 مليون دولار.
كما أن والش الأستاذ السابق في التربية الرياضية يعود له الفضل في إقناع نادي تشيلسي الذي عمل سابقاً كشافاً له بدوام جزئي في جلب بعض اللاعبين الذين أصبحوا مشاهير بعد ذلك قبل اعتزالهم أمثال الإيفواري ديدييه دروغبا والغاني مايكل إيسيان والإيطالي زولا.
وحسب تقرير نشرته صحيفة «ميرور» الإنجليزية وتحدثت فيه عن طريقة عمل والش، فإن الأخير يحب مراقبة أهدافه من اللاعبين عن كثب ويدرس أرقامهم وتحركاتهم وطريقة تدريباتهم قبل ضمهم إلى الفريق، وربما يكون كانتي أبرز مثال على رؤيته الثاقبة فهو عندما ضمه إلى ليستر عام 2015 قادماً من كاين الفرنسي مقابل 9 ملايين دولار وباعه بطل الدوري الإنجليزي السابق لتشيلسي مقابل 32 مليون جنيه استرليني، لم يكن معروفاً إلا على نطاق ضيق في فرنسا.
ويقول الإيطالي كلاوديو رانييري مدرب سيتي السابق عن دور والش في التعاقد مع كانتي الذي اختير قبل أيام أفضل لاعب وسط في دوري أبطال أوروبا 2021:«لقد ضغط علي ستيف والش حينما وصلت لليستر لتدريبه، وقال لي وقع مع كانتي، ولقد حدد والش كانتي كأكثر صفقة يريدها، كان يرغب في الصفقة أكثر مني».
أما قصة التعاقد مع رياض محرز فكانت مشوقة هي الأخرى ورواها والش نفسه عندما كشف أنه استقدم الدولي الجزائري بمحض الصدفة لأنه لم يكن ضمن مخططات النادي ولا أحد كان يسمع به، لكنه اكتشفه حين تنقل لمعاينة أحد اللاعبين في نادي لوهافر الفرنسي ليعجب برياض ويعرض عليه اللعب لليستر سيتي مقابل 450 ألف يورو، وهذا ما كان لينتقل إلى ليستر ثم في 2018 إلى مانشستر سيتي مقابل 60 مليون جنيه استرليني.
الصفقة الأهم
أما جيراردو جوزمان فهو كان كشاف المواهب بنادي أتلتيكو مدريد الإسباني، وأبرز المساهمين في نجاحاته الماضية، فإضافة إلى العمل الفني الرائع للمدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني كان هناك من يخطط في مكان آخر لضم لاعبين جيدين.
وعمل جوزمان في أتلتيكو مدريد منذ عام 2009 وكلف باختيار لاعبين إلى الفريق، وكان من أبرز تعاقداته ضم دييغو كوستا من بلد الوليد مقابل 850 ألف يورو وتم بيعه لتشيلسي بمبلغ 32 مليون يورو، وكذلك الفرنسي أنطوان غريزمان قادماً من ريال سوسييداد مقابل 28 مليون يورو وبيع إلى برشلونة بمبلغ 120 مليون يورو، وكذلك المهاجم دييغو كوستا الذي بيع لتشيلسي عام 2014 بمبلغ 38 مليون يورو، والتركي أردا توران الذي بيع لبرشلونة أيضاً قبل أن يعود للدوري التركي، والمدافع البرازيلي فيليبي لويس الذي أصبح من أهم من يشغل موقع الظهير الأيسر في العالم، والكولومبي رادميل فالكاو الذي أصبح أشهر مهاجم بين أعوام 2013 و2016.
الخبير مونشي
أما المدير الرياضي رامون رودريغيز فيرديخو «مونشي» فهو صاحب خبرة كبيرة وعينه ثاقبة في جلب المواهب وإبرام الصفقات الناجحة لنادي إشبيلية.
وهناك مقولة تقال بحق «مونشي» وهي: «ليس كل ما يلمسه يتحول إلى ذهب ولكن بالتأكيد ما يقوم به يبدو خيالياً»، وهذا ما ينطبق بالفعل على رامون رودريغيز الذي بدأ مسيرته الكروية مع إشبيلية كحارس مرمى من عام 1990 حتى 1999، وهو اعتزل بعمر الثلاثين من عمره وقرر الاتجاه إلى عالم جديد هو اكتشاف المواهب.
ومع هبوط إشبيلية إلى دوري الدرجة الثانية في إسبانيا عام 2000 أصبحت مهمة «مونشي» أوسع وأهم بعدما تولى وظيفة تطوير قطاع الناشئين ونشر كشافي النادي حول العالم من أجل الاستفادة من لاعبين جيدين وبأسعار زهيدة، ومن بين الأسماء التي مرت من بين يدي الشخص الذي يوصف بـ«الجوهري» كان سيرخيو راموس الذي انتقل إلى ريال مدريد لاحقاً ويلعب الآن في باريس سان جيرمان، وكذلك البرازيلي داني ألفيش الذي لعب لبرشلونة ثم يوفنتوس وسان جيرمان وحالياً يتواجد في الدوري البرازيلي، وهناك أيضاً من النجوم السابقين خوليو بابتيستا وألفارو نيغريدو وخيسوس نافاس وألبيرتو مورينيو والكولومبي كارلوس باكا والكرواتي إيفان راكيتيتش وأليكس فيدال ولويس فابيانو وفريدريك كانوتيه وسيدو كيتا والفرنسي كيفن غاميرو الذي انتقل إلى أتلتيكو مدريد مقابل 32 مليون يورو رغم أنه لم يكلف إشبيلية سوى 10 ملايين يورو عندما انتقل إليه عام 2013 قادماً من باريس سان جيرمان، ويسعى الآن تشيلسي لضم المدافع الفرنسي كوندي الذي برز في إشبيلية أيضاً الموسم الماضي.
وحسب تقارير صحفية فإن «مونشي» استطاع بفضل عمله المميز أن يضخ لخزينة إشبيلية نحو 280 مليون يورو كصافي أرباح من بيع المواهب منذ عام 2004.
وهناك أيضاً العشرات من كشافي المواهب الرائعين حول العالم يقومون بأعمال جيدة مثلهم مثل «مونشي» وجروزمان وستيف والش ومنهم جيراردو سالوريو الذي يعد من أشهر كشافي المواهب في الأرجنتين وسبق له أن قدم أسماء كبيرة مثل إزيكيل لافيتزي وبابلو أيمار وخوان ريكيلمي.

مونشي
مونشي الكشاف الأهم في إشبيلية والعالم

ويشتهر نادي بورتو البرتغالي كذلك باقتناص المواهب وبيعها بأسعار عالية، وذلك من خلال نحو 250 كشافاً منتشرين حول العالم، وحسب تقارير صحفية فإن النادي حصل على مبالغ كبيرة تصل إلى أكثر من 700 مليون يورو منذ عام 2004 جراء سياسة بيع اللاعبين.
ويقول الرئيس خورخي بينتو رئيس نادي بورتو في هذا المجال: «نحن ندرس دائماً سوق اللاعبين الشباب وندخل فيه بقوة، وهذا ما يجعلنا نبيع دائماً لاعبين مميزين وننافس على الألقاب رغم أننا نمتلك ميزانية أقل بعشرين مرة من الأندية الكبيرة في أوروبا، وصحيح أننا نخسر لاعبين ممتازين لكن في المقابل نضع ثقتنا بلاعبين شباب».
أما أنطونيو هنريكي المدير الرياضي فيقول: «الأمر عندنا يعتمد على 3 خطوات هي الشراء والتطوير والبيع، الشراء أساسه الكشافون الذين يملكهم النادي، والتطوير يكون بالتمارين، والبيع يكون بعد المستويات التي يقدمها هؤلاء مع الفريق الأول».
وتضم قائمة بعض الأسماء التي باعها نادي بورتو وبعضهم اعتزل: كارفاليو ومانيش وديكو وباولو فيريرا وريكاردو كواريسما وبوسينغوا وبيبي وجواو موتينيو، والثلاثي الكولومبي فالكاو وخاميس رودريغيز وجاكسون مارتينيز والفرنسي مانغالا، والثلاثي البرازيلي أندرسون وهولك ودانيلو، وكلها أسماء كان لها وزن في السنوات الماضية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"