مذيع في فخ «كورونا»

عين على الفضائيات
03:36 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

حين تسخر من وجعك، فأنت تستخدم إحدى وسائل الدفاع الذاتية لمقاومة الألم أو المرض، والرفع من معنوياتك كي تنتصر الإيجابية فيك على أي نزعة تشاؤمية أو نظرة سوداوية للأمور. هذا ما نسميه الكوميديا السوداء، ومواجهة الواقع الأليم بالسخرية؛ وهو ما يجعل النكتة حاضرة وبقوة في هذا الوقت العصيب الذي نعيشه، في زمن «كورونا».

أن تنتشر النكتة على أحوالنا شيء، وأن يجعل أحد المذيعين على قناة مصرية من «كورونا» مادة للاستخفاف بطبيعة هذا الوباء ومدى خطورة انتشاره بين الناس، شيء مختلف تماماً.

أراد المذيع أن يواكب الحدث العالمي بطريقة «غير تقليدية»، فسقط في فخ التفاهة وقلة المهنية وانعدام المسؤولية أمام أزمة صحية لا يستهان بها، ولا يكون التخفيف من خوف الناس منها بتجاهلها أو الاستخفاف بحجمها وطبيعتها.

أجرى حواراً مع «كورونا»، فحسبنا أنه أراد تبسيط المعلومات كي يستوعبها البسطاء، جاعلاً من «كورونا» شخصاً يتحدث عن نفسه ويشرح كيفية انتشاره وأعراضه وكيفية التعرف إليه والتعامل معه، وكيفية تجنبه، فإذا بالبرنامج يقدم «كورونا» ماسخاً، يهزأ بالناس، دون أن يضيف شيئاً أو يعطي معلومة مفيدة. بدا وكأن «كورونا» بريء من كل التهم المنسوبة إليه، وكل ما يحصل بلبلة وسوء فهم وتصرف من الناس! مهازل تتوالى على بعض الشاشات، بينما العالم يواجه أحد أهم تحديات العصر الحقيقية، ويقف الطب عاجزاً أمام هذا الفيروس اللعين. كيف يسمح مذيع أن يجعل من الوباء مادة هزلية، بينما العيون لا تفارق القنوات والنشرات الإلكترونية وتقارير منظمة الصحة العالمية والإحصاءات التي تعمل كعداد الساعة لا يهدأ ولا يتوقف محصياً المصابين والراحلين والذين قارب إجمالي عددهم ال ١٢٢ ألف شخص حول العالم حتى كتابة هذه السطور؟

أخافونا من اندلاع الحرب العالمية الثالثة، فإذا ب«كورونا» ينمو في لحظة ليشن حربه على العالم وينتشر بسرعة البرق، ويقف الإنسان أمامه عاجزاً عن إيجاد اللقاح حتى الآن. لذا المفروض أن يجيد كل إعلامي التعامل مع الظرف الطارئ بأعلى درجة من الإحساس بالمسؤولية، وترك النكتة والسخرية للبرامج الكوميدية فقط، وعدم خلط الأوراق، أو الاستظراف في هذا الوقت الحرج.

ليس المطلوب أن ننشر القلق والهلع، إنما أن يتعامل إعلامنا العربي مع الوباء بكثير من الجدية والحرفية والمسؤولية، لأن توعية الناس بطبيعة الفيروس والتحذير من انتشاره والفصل بين الحقائق والشائعات، واجب يحتمه الضمير والمهنة والوعي بحجم المسؤولية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"