عادي
اعتذارات مدارسهم كثيرة ومن دون أسباب

تأجيل الدراسة المتكرر.. إشكالية تؤرق طلبة «الافتراضي»

00:28 صباحا
قراءة 6 دقائق
1

تحقيق: محمد إبراهيم

لا شك في أن وجود أنماط متنوعة للتعليم، يشكل أحد مظاهر التطور في منظومة التعليم في الدولة، وقدرتها وقوتها في إيجاد أكثر من وسيلة لإيصال التعليم إلى الطلبة في مختلف مراحل التعليم.

ولكن دائماً ما نحتاج إلى تحقيق الموازنة بين الأنماط المطبقة، لاسيما أن بعض الطلبة يتلقون تعليمهم بشكل مباشر في المدرسة وبالتعامل مع المعلم وجهاً لوجه، وبعضهم الآخر يتلقون تعليمهم بالتناوب، أسبوع في المدرسة والآخر في البيت، وآخرون يتلقون تعليمهم عن بعد من منازلهم، وهنا جاءت أهمية تحقيق المعادلة الصعبة في توفير فرص التعليم للجميع أياً كان نمط التعليم.

في وقت اشتكى أولياء أمور طلبة يتلقى أبناؤهم تعليمهم وفق النمط الافتراضي، من عدم حصولهم على القدر الكافي من التعلم، إذ إن مدارسهم دائماً ما تقدم اعتذارات متكررة لعدم جاهزيتها لتدريسهم، من دون إيضاح الأسباب، ما أثر سلباً في مستوياتهم العلمية والتحصيلية.

عدد من المعلمين أكدوا أن أعباء النصاب تشكل لهم معاناة حقيقية، مع وجود الأنماط التعليمية الثلاثة «الواقعي، والهجين التبادلي، والافتراضي»، موضحين أنها تمثل ضغوطاً تعوق تحقيق التوازن في حصول جميع الطلبة على حقهم في التعليم، لاسيما أن هناك مدارس لديها إشكالية في جاهزية الفصول الافتراضية، على اعتبار أن هناك أعداداً كبيرة من الطلبة، فضلوا التعليم الواقعي، فبات التركيز عليهم أكثر من الذين يدرسون افتراضياً.

بينما أكد خبراء أهمية توفير فرق للرقابة والمتابعة الحثيثة لجميع أنماط التعليم، للتأكد من الجاهزية، وتوفير الكوادر، وحصول جميع الطلبة على حقهم في التعليم بنفس الجودة والاهتمام.

«الخليج» تناقش مع أطراف العملية التعليمية، جوانب الإشكالية وأسبابها، في محاولة للوقوف على اقتراحات فاعلة تسهم في تحقيق المساواة بين الطلبة في جميع أنماط التعليم.

تأجيل الدراسة

البداية كانت مع عدد من أولياء الأمور يدرس أبناؤهم في عدد من المدارس الخاصة بنظام التعلم عن بعد، إذ أكد كل من ميساء حمدان، وميسون علي، وإيهاب فرج، وبهاء السيد، وإيهاب زيادة، أن مدارس أبنائهم تؤجل دراسة أبنائهم الذين يتبعون نظام التعليم الافتراضي، يومين على الأقل أسبوعياً، منذ بداية العام، بحجة عدم وجود معلمين، أو وجود خلل في النظام التقني للتعليم عن بعد، الأمر الذي يؤثر سلباً في مستويات أبنائهم المعرفية، لاسيما أن زملائهم في التعليم المباشر يتلقون كامل دروسهم من دون أية إشكاليات.

وقالوا إن إدارات المدارس حصلت على كامل رسومها الدراسية للعام الأكاديمي الجاري 2021-2022، وفي المقابل ينبغي أن تقدم الخدمات التعليمية بكامل جودتها لما حصلته من رسوم، فضلاً عن إيجاد حلول ناجعة لإشكالية نقص المعلمين والأعطال المتكررة في النظام التقني لتعليم أبنائهم.

وطالبوا الجهات المسؤولة عن الإشراف على المدارس الخاصة، بتشكيل فرق متخصصة لمراقبة ومتابعة آليات تطبيق التعليم عن بعد، وحصول كل طالب على حقه في التعليم أسوة بزملائهم في أنماط التعليم الأخرى، لاسيما أن ما فرضته تلك المدارس من رسوم حصلت عليه كاملاً، ومن دون نقاش، وعلى الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المدارس المقصرة في حقوق الطلبة في التعليم.

نقص الكادر

في وقفة مع عدد من المعلمين، أكد كل من «وافي.م، شريفة.ع، حسن.م، سمر.غ، إبراهيم.ح»، وجود تلك الإشكالية في بعض المدارس، نظراً لعدم كفاية الكادر التعليمي ووجود نقص في المعلمين، وما يتوفر من معلمين ليس لديهم القدرة على الوفاء بتعليم جميع الطلبة في مختلف الأنماط التعليمية الموجودة، «المباشر والهجين والافتراضي».

وأضافوا أن أنصبة المعلمين تعد لاعباً أساسياً في هذه الإشكالية، إذ إنها تفوق المعدلات المعتمدة بكثير، موضحين أنه لا يجوز أن يكون لدى المعلم ثلاثة أنصبة، بواقع نصاب لكل نمط تعليمي، إذ يشكل ذلك ضغوطاً كبيرة على المعلم لا يستطيع مع تواجدها الوفاء بالتزاماته نحو تعليم الطلبة بعدالة ومساواة، مؤكدين ضرورة مبادرة تلك المدارس باستقطاب معلمين جدد لسد النقص في كادر التدريس، والتخلي بعض الشيء عن نظرية «التوفير» التي يتبعها معظم المدارس الخاصة منذ بداية جائحة «كورونا»، فضلاً عن ضرورة إدخال التحسينات اللازمة لأنظمة التعليم الالكترونية لتجنب تلك الإشكاليات، وضمان وصول التعليم لجميع الطلبة في أي نمط تعليمي.

ثلاثة مسارات

وفي وقفة مع مديري المدارس «خلود فهمي، أحمد إبراهيم، عصمت.ض، سلمى.ع»، اكدوا أن التعليم في مدارسهم يسير وفق ثلاثة مسارات، «المباشر» وله كادر تدريسي متخصص، و«الهجين» ويطبقه فريق آخر من المعلمين، وهناك فريق ثالث لتنفيذ آليات التعليم عن بعد، ويعرف بفريق التعليم الرقمي، وهنا لم يحدث أي تداخل في عمل فرق التدريس، ويستطيع طلبة كل نمط تعليمي الحصول على حقهم في التعليم كاملاً من دون أية إشكاليات.

وقالوا إن إداراتهم ركزت قبل انطلاقة العام الدراسي الجاري على استكمال الكوادر التدريسية وفق المعتمد من الأنماط التعليمية، فضلاً عن الارتقاء بمستوى الفصول الافتراضية وجاهزيتها، لتجنب أية أعطال وإشكاليات تعوق حصول الطلبة على تعليمهم، فضلاً عن التواصل المستمر مع أولياء الأمور لإطلاعهم على المستجدات بشكل مباشر.

إشكالية وقتية

في المقابل، أكد عدد من مديري بعض المدارس التي يعاني طلابها تلك الإشكالية، «فضّلوا عدم ذكر أسمائهم»، أن ما جاء في شكوى أولياء الأمور مبالغ فيه جملة وتفصيلاً، موضحين أن الإشكالية وقتية ولم تتكرر بهذه الصورة، مشيرين إلى أن جميع الطلبة يحصلون على حقهم في التعليم بعدالة وبالجودة نفسها.

وحول أسباب وجود تلك الإشكالية أكدوا أنها أعطال تقنية غير متعمدة تحدث فجأة وخارجة عن إرادتهم، وسريعاً ما يتم التعامل معها من خلال الاستعانة بفرق تقنية متخصصة، ونفوا وجود نقص في الكوادر التدريسية، أو وجود تقليص في الميزانية التشغيلية لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب الطلبة، لاسيما أنها حصلت على كامل الرسوم من الطلبة.

تقييم الخدمات

1
إيمان غالب

في وقفة مع خبيرة تطوير المناهج إيمان غالب، أكدت أن الظروف الصحية الراهنة تفرض على الجميع التعاون بفاعلية، لإنجاح العملية التعليمية والمحافظة على مكتسباتها وجودة مخرجاتها التعليمية في مختلف مراحل التعليم.

وفي تعقيبها على تلك الإشكالية، قالت إن وجود أنماط تعليمية متعدد في منظومة العلم، تتطلب رقابة ممنهجة ومتابعة حثيثة، تعمل عليها فرق متخصصة قادرة على تقييم الخدمات المقدمة في كل نمط تعليمي، إذ إن احتياجات ومتطلبات التعليم المباشر تختلف جذرياً مقارنة بمتطلبات التعليم الافتراضي، وكذلك التعليم الهجين الذي يطبق بالتبادل هذا العام ويمزج بين «الافتراضي والواقعي» له أيضاً احتياجاته من الكادر البشري والأدوات التقنية كأحد المقومات الأساسية لهذا النمط من التعليم.

ثلاثة أسباب

وفي تحليلها لإشكالية معاناة طلبة التعليم الافتراضي، في بعض المدارس الخاصة وعدم حصولهم على تعليمهم بالقدر الكافي، أفادت بأن تلك المشكلة وجدت لثلاثة أسباب، الأول قد يكون بسبب نقص الكادر التدريسي، وفريق المعلمين الموجود حالياً ليس لديه القدرة على القيام بتعليم جميع فئات الطلبة في مختلف أنماط التعليم، نظراً لوجود أنصبة ومهام إدارية وتحضيرية وامتحانات، وجميعها تعد عوائق وأعباء على المعلمين تمنعهم من الوفاء بأداء مهامهم التدريسية للجميع.

وفي استعراضها للسبب الثاني قالت إن بعض المدارس لم تحرص على تطوير منظومة التعلم عن بعد قبل بداية العام واكتفت بالمستخدمة منذ بداية «كورونا»، الأمر الذي يؤكد عدم جاهزيتها العام الدراسي الجاري، ما أدى إلى وجود إشكاليات من هذا النوع خلال الدراسة، والضحية هنا الطلبة أنفاسهم.

أما السبب الثالث فيكمن في تركز بعض الإدارات المدرسية على تقليص النفقات التشغيلية، وعدم استقطاب معلمين جدد، واكتفوا بالكوادر المتاحة بعد عملية الإحلال والتصنيف التي اتبعتها معظم المدارس في العامين السابقين.

وأكدت أن عودة الحياة إلى مجتمع التعليم، تتطلب من إدارات المدارس التعامل بواقعية وفق احتياجات المرحلة، حتى لا تؤثر الاتجاهات الداخلية لكل مدرسة في حقوق الطلبة في الحصول على التعليم، موضحة أنه مهما تعددت أنماط التعليم فالمنظومة واحدة، والهدف أيضاً واحد، والقصور الذي يصيب نمطاً لابد بالضرورة أن يطال النمط الآخر.

1
خلود فهمي

ماهية عمل المعلمين

أفاد عدد من المعلمين بأن ماهية عملهم هذا العام تركز على التعاطي مع الأنماط التعليمية الثلاثة، فهناك التعليم المباشر في المدرسة، ويتم صباحاً، فيما يتلقى طلبة الهجين والافتراضي تعليمهم في الفترة المسائية، وهناك طرائق لدمج الصفوف الافتراضية، في محاولة لإيصال التعليم لجميع الطلبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"