رسالة نور

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

بكلمات قليلة يمكنك أن تختصر فتوجز، فتصل إلى القلب ويستجيب لك العقل، وبصدق في المشاعر وإيمان بما تقول تصير أنت والشخصية التي تقدمها واحداً، فتصل ورسالتك وكل الحالة التي تجسدها إلى القلب ويستجيب لك العقل.

كل كاتب، وكل ممثل، وكل عمل فني، ينطلق من إيمانه المطلق بأهمية ما يفعل والرسالة التي يقدمها للناس، ويصدق ما يقول والهدف الذي يسعى إليه فيعيش الحالة كما يجب أن تكون في الواقع، لا بد أن يكون النجاح من نصيبه، ويحظى بحب الناس وإعجابهم، حتى لو لم تتجاوز مدة ظهوره على الشاشة ١٠ أو ١٥ دقيقة. هذه الدقائق القليلة كانت كفيلة مثلاً بتحريك مشاعرنا ونحن نشاهد أوبريت «رسالة نور»، تأليف الكاتب عبدالرحيم كمال، التي قدمت بمناسبة احتفال القوات المسلحة بيوم الشهيد في مصر​، أبكتنا ليس تعاطفاً مع أم شهيد، أو والده، أو زوجتهن أو ابنه، بل أكثر من ذلك شعر كل منا بأن الشهيد نور هو أحد أفراد أسرته، وأنه هو من يقف على خشبة المسرح هناك يتلقى خبر استشهاده برصاصات الغدر والإرهاب في سيناء.

السر في الصدق، عمل فني لم يكسب نجاحه وأهميته بطول ساعات عرضه، مثل المسرحيات أو المسلسلات، ولا حتى الأفلام، بل بقدرته على الوصول إلى القلب والعقل بأبسط الكلمات وأعمقها وأصدقها، ولم يلزمه أكثر من خمسة ممثلين يجسدون الضابط الشهيد نور وعائلته: الأب والأم والأخ والأخت، فتكلل المشهد بالأداء الرائع للفنانين ماجدة زكي، وخالد الصاوي، وأحمد خالد صالح، ومايان السيد، ورامز الأمير.

المشهد بكل ما فيه يختصر فكرة الفن، وهدفه، وأهم معانيه، يخبرنا أن الرسالة هي الجوهر، وعليك أن تجيد اختيار القالب الذي ستضعها فيه كي تصل إلى الناس، والجوهر لا يمكن أن يلمع كالذهب إلا إذا وجد الحِرفي الماهر الذي يجعله ينطق ويتشكل كيفما يشاء، فيزداد قيمة وجمالاً ولمعاناً. عبدالرحيم كمال اختصر كل معاني الشهادة وافتداء الوطن بما يليق بالمناسبة وبالشهداء وعائلاتهم، والممثلون أبدعوا فصدقوا وصدق إحساسنا بهم وزاد تفاعلنا وتقديرنا للشهداء وعائلاتهم، وما زاد الجمال جمالاً، المقاطع المغناة بصوتي الرائعين علي الحجار وهبة مجدي.

الفن لا يحتاج إلى صراخ ولا حشو لإطالة الوقوف أمام الجمهور والشاشة، فليس بعدد الساعات وطول المدة يكتمل المشهد وتصل الرسالة ويفهم المُشاهد، بل بالصدق والإيمان بجوهر الرسالة والهدف النبيل من ورائها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"