تحدي الحزام والطريق أم تكملته؟

21:58 مساء
قراءة 4 دقائق

ونستون موك *

أعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن إحياء شراكته المتعثرة قبل عام، بإطلاق شراكة جديدة للاستثمار في البنية التحتية العالمية؛ قيمتها 600 مليار دولار، لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية؛ وذلك خلال افتتاح قمة مجموعة السبع الشهر الماضي. وتهدف الولايات المتحدة إلى المساهمة بثلث، أو 200 مليار دولار، من هدف الخمس سنوات. ومع ذلك، يبدو أن الكثير من هذا سيكون من خلال زيادة رأس المال الخاص.

وفي حين أن مبادرة «جي 7» المعاد تسميتها يمكن أن تكون إضافة يتم الترحيب بها، لدعم البنية التحتية في البلدان النامية، لكن الشك ما يزال قائماً في مدى قدرتها على منافسة أو حتى تكملة المبادرة الصينية. وعلى عكس استثمارات الصين الواسعة في البنية التحتية دولياً، ستركز الشراكة المتجددة لمجموعة السبع على أربعة مجالات؛ وهي: الطاقة النظيفة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأنظمة الصحية، والمساواة بين الجنسين. كما أنها تتجنب «بحكمة» المنافسة المباشرة مع نقاط القوة الضاربة الصينية في مبادرة «الحزام والطريق»؛ والمتمثلة في البنية التحتية للنقل. ففي تقرير البنية التحتية الأمريكية لعام 2021، الذي وضعته الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين، حققت الولايات المتحدة علامات متوسطة في النقل العام، والطرق، والجسور. في المقابل، تمتلك الصين بنية تحتية للنقل على مستوى عالمي، ووفق جميع المستويات المحلية والإقليمية كمترو الأنفاق، والسكك الحديدية فائقة السرعة بين المدن، والطرق والجسور، والمطارات. بينما تفتقر الولايات المتحدة إلى هذه البنية التحتية تماماً.

وحتى من بين المجالات التي تركز عليها شراكة مجموعة السبع للاستثمار في البنية التحتية العالمية، تتصدر الصين في بعض المجالات. فهي، على سبيل المثال، رائدة عالمياً في مجال الطاقة النظيفة؛ حيث تستحوذ على نحو 75% من حصة السوق العالمية في جميع مراحل تصنيع الألواح الشمسية، و50% من قدرة إنتاج توربينات الرياح في العالم. وبالنسبة لكل من الطاقة الشمسية المركبة وطاقة الرياح، تتفوق الصين على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مجتمعين.

وفي مجال تكنولوجيا المعلومات وأنظمة الاتصالات، صحيح أن الولايات المتحدة تمتلك بعض الشركات الرائدة عالمياً، مثل «سيسكو» و«إنتل» و«كوالكوم»، والتي يتم تضمين تقنياتها الأولية أو مكوناتها الأساسية في مجموعة واسعة من المنتجات والأنظمة، لكن الصين تتمتع بقدرات أوسع وأكثر صلة، لتوفير وتركيب معدات الاتصالات إلى البلدان النامية بشكل فعّال من حيث الكُلفة، بما في ذلك تقنية الجيل الخامس.

في الوقت نفسه، فإن نظام الرعاية الصحية عالي الكُلفة في الولايات المتحدة آخذ في التراجع؛ إذ احتلت البلاد المرتبة الأخيرة بين 11 دولة مرتفعة الدخل وفقاً لدراسة أجراها صندوق الكومنويلث ومقره الولايات المتحدة العام الماضي.

ربما لا تكون المساهمة المالية للحكومة الأمريكية في الهدف البالغ 200 مليار دولار من أجل شراكة للاستثمار في البنية التحتية العالمية دقيقة، فاستناداً إلى قوائم البيت الأبيض المعلنة لمشاريع الشراكة الرئيسية، قد لا تضع حكومة الولايات المتحدة أكثر من بضعة مليارات من الدولارات على الطاولة. فكيف يمكن للحكومة الفيدرالية الأمريكية أن تجد الأموال اللازمة للاستثمار في البنية التحتية الخارجية عندما تعتمد على حكومات الولايات والحكومات المحلية التي تعاني أساساً ضائقة مالية ومديونية لتمويل بنيتها التحتية الداخلية؟ فمن خلال الاستفادة من مليارات الدولارات للتنافس مع تريليونات بكين، على واشنطن أن تكون فاعلة بشكل غير عادي.

وأيضاً، كيف يمكن لرأس المال الخاص وللمستثمرين والشركات الغربية الذين لطالما بحثوا عن صفقات جذابة أن تحفزهم شراكة مجموعة السبع فجأة؟ وكيف يمكنهم التنافس مع الشركات الصينية التي قد تقبل عوائد أقل ومخاطر أعلى؟ في الواقع، باستطاعة المستثمرين الصينيين تقديم بعض التمويل للمشاريع مع المقاولين أو الموردين الأمريكيين. وهنا لا ينبغي استبعاد الشركات الصينية من التنافس في المشاريع التي تمولها الولايات المتحدة في عمليات عادلة وشفافة، طبعاً في حال كانت الشراكة الأخيرة التي تقودها واشنطن تراعي بالفعل الأخلاق العالية التي تدعيها.

من هنا يتضح أنه ولتقديم أكبر الفوائد للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وبالنظر إلى الأدوار المتعددة لأصحاب المصلحة في تطوير المشاريع ورعايتها وتمويلها وتسليمها وتشغيلها، يجب أن تتعاون مبادرة الحزام والطريق وشراكة مجموعة السبع للاستثمار في البنية التحتية العالمية مع بعضهما كما تتنافسان بالضبط.

لا يحتاج العالم إلى منتجات غربية أغلى ثمناً، أو حتى غير تنافسية، مفروضة على الدول الفقيرة بتمويل غربي. وإذا تم استبعاد الحلول الصينية الأفضل والأكثر فاعلية من حيث الكُلفة لأسباب جيوسياسية، فسوف تتقوض مصداقية الشراكة المتجددة. وتطوير البنية التحتية الدولية هو أحد المجالات؛ حيث يمكن للولايات المتحدة والصين التنافس وظيفياً لمصلحة العالم. ترحب الصين بتحسين البنية التحتية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، والتي قد تتطور إلى أسواق أكبر وشركاء اقتصاديين أفضل. وفي هذه المنافسة، يبدو أن الصين تتمتع بمزايا تكنولوجية ومالية ساحقة.

فهل تستطيع الولايات المتحدة مساعدة الدول النامية بصدق، بدلاً من التركيز على احتواء الصين والسيطرة عليها؟ وهل تستطيع أمريكا إظهار قوتها من خلال الفوز العادل في بعض الأحيان؟ ستكون هذه مقاييس أكثر أهمية لنجاح الشراكة المتجددة لمجموعة السبع من النتائج الجيوسياسية، والعالم يراقب.

*مستثمر في الأسهم الخاصة والمستشار السابق ل «ماكينزي» في الصين - عن «ساوث تشاينا مورنينج بوست»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مستثمر في الأسهم الخاصة والمستشار السابق ل«ماكينزي» في الصين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"