أزمة حكومية في إيطاليا

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

فجرت «محارق» نفايات روما أزمة حكومية في إبطاليا، على خلفية رفض حركة «خمس نجوم» العضو في الائتلاف الحاكم منح الثقة لحكومة ماريو دراغي، في مؤشر على اختلالات كثيرة داخل الائتلاف الحكومي تتجاوز أزمة «المحارق» إلى مجمل السياسات المتصلة بالقارة الأوروبية على وقع الحرب الدائرة في أوكرانيا.

 حركة «خمس نجوم» التي فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2018 بحصولها 32 في المئة من الأصوات وأغلبية نسبية في البرلمان، باتت اليوم تعاني انقسامات داخلية حادة وتراجعاً في نوايا التصويت التي تمنحها نسبة تأييد لا تتجاوز 10 أو 11 في المئة بعد انشقاق نحو ثلث نوابها (حوالي 50 نائباً) والتحاقهم بزعيم الحركة السابق ووزير الخارجية الحالي لويجي دي مايو الذي أسس حزبه الخاص «معاً من أجل المستقبل». 

 هذه الانقسامات وهذا التراجع جعلا الحركة تعاود البحث عن نفسها والتمسك بثوابتها، وبالتالي فإن معارضتها لمحارق النفايات تنطلق من أنها مكلفة ومسببة للتلوث وغير فعالة ولا تشجع السكان على فرز النفايات، في وقت يعاني اقتصاد البلاد التضخم وعجزاً في الميزانية يتجاوز 7 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي. وبالتالي فقد قررت الامتناع عن منح الثقة لحكومة دراغي في مجلس الشيوخ رغم أن مقترح إنشاء المحارق وافق عليه مجلس النواب، على أمل أن يرفع ذلك من نسبة التأييد لها بين جمهورها.

 لكن ذلك أدى في النهاية إلى أزمة حكومية، حيث اعتبر دراغي أن الثقة لم تعد موجودة، وقدم استقالته للرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الذي رفضها لتبقى معلقة بانتظار إيجاد حل للأزمة. استقالة دراغي تعني ذهاب البلاد إلى انتخابات مبكرة يفترض أن تجرى في سبتمبر/ أيلول المقبل، وهو ما لا يريده الرئيس الإيطالي لأسباب كثيرة، منها تجنيب البلاد حملة انتخابية تستغرق وقتاً طويلاً وإجراء اقتراع في وقت تواجه فيه البلاد تداعيات الأزمة الأوكرانية، وظهور موجة جديدة من وباء كورونا، ويفترض إقرار ميزانية 2023 وتطبيق الإجراءات المطلوبة أوروبياً للاستفادة من نحو مئتي مليار يورو ممنوحة لروما في إطار نظام الاتحاد الأوروبي، وبالتالي فقد دعا الرئيس الإيطالي رئيس الوزراء إلى إعادة تقييم الوضع في البرلمان.

 في نظر كثير من المراقبين، فإن الأزمة الإيطالية ليست سوى مجرد صدى لأزمات القارة الأوروبية الاقتصادية، التي لم تتعاف بعد من الركود الناجم عن جائحة كورونا، وتعاني أغلب دولها التضخم وعجزاً في الميزانيات وعدم القدرة على سداد الديون الخارجية، من دون مساعدة البنك المركزي الأوروبي. وهذا يبدو جلياً بالنسبة لدول جنوب أوروبا أكثر منه في دول الشمال التي تعاني نسبة تضخم أقل، وهو ما ينعكس سلباً على كل منطقة اليورو. وربما تكون ألمانيا هي المرشح التالي لأزمة قد تكون أكثر تعقيداً، فعلاوة على محاولات الحد من التضخم، يتزايد الاستياء من السياسة التي ينتهجها المستشار أولاف شولتز، خصوصاً المغامرة في موضوع الغاز الروسي، الذي بات مرشحاً لأن يكون عنواناً لأزمة سياسية مع اقتراب فصل الشتاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"