الدعم الذكي المؤقت

21:57 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة

لبنان دعم لسنوات معظم السلع فوق قدراته. واليوم توقف لعدم إمكانية الاستمرار. كان من الأفضل اعتماد سياسة دعم ذكية والتي وإن تكن مكلفة في البداية، لها فوائد كبيرة على المدى الطويل، أي على النمو والتنمية. ولسياسة الدعم الذكية أهداف خيّرة للبناء وليس لتعزيز الفساد وتمويل الفاسدين. وقف النظام المعتمد منذ سنوات واعتماد البطاقة التموينية مؤقتاً والتفتيش جدياً على مصادر مالية مستقبلية لنظام جديد هي بداية الطريق.

ويجب دعم القطاعات المنتجة مباشرة لمدة سنة، أي إعطاء المال للصناعات والزراعات، كما لبعض الخدمات التي تحتاج إليه. عموماً، الاقتصاديون ضد الدعم لأنه يشجع على الإهمال، والكسل، وسوء الأداء، إلا أننا اليوم في وضع لا نحسد عليه، وبالتالي وجب وضع العقائد، حتى الصحيحة منها، جانباً واعتماد الجراحة المباشرة. هذا الدعم يسمح للمستفيدين بالإنتاج والبيع في الأسواق الداخلية والعالمية، وبالتالي استقدام «الفريش دولار» أي أوكسجين الاقتصاد الحالي.

ولا بد من الدعم المادي المباشر للبحث والتطوير، حيث إن جامعاتنا، كما مؤسساتنا العامة، تملك الأرضية التحتية والبشرية المناسبة للاستمرار في عمليات بحث وتطوير أكثر طموحاً وشمولاً. وسيعطى الدعم خاصة للزراعة والصناعة ضمن المؤسسات العامة الحالية المرتبطة بوزارتي الصناعة والزراعة. هذا الدعم القطاعي يفيد المجتمع بطرق أخرى أيضاً، أي يساهم في تخفيف التلوث الذي نعانيه في مدننا. ونحتاج لدعم قطاعات تفيد المواطن مباشرة، كالنقل العام الذي يخفف كلفة النقل والازدحام، كما ضرر البيئة.

ولا بد من الدعم المباشر للشركات الناشئة كي تكبر وتبدأ إنتاجها، وتصدّر فيما بعد. هنالك تقنيات معروفة عالمياً، وممارسة في العديد من الدول النامية في آسيا والخليج، وغيرها والتي توفر الخدمات الأساسية التي تحتاج إليها الشركات الجديدة، كما الصغيرة والمتوسطة. إن تغيير سياسات الدعم من الاستيراد إلى الإنتاج سيوسع حجم الاقتصاد ويحسن مع الوقت معيشة اللبنانيين. المهم أن نكون واضحين إلى أي قطاعات وشركات سيذهب الدعم، ونحن بحاجة إلى نتائج إيجابية سريعة. سياسة الدعم المعتمدة كانت مكلفة، تهدر الأموال ولا تفيد الاقتصاد على المدى الطويل. وسياسة الدعم المقترحة تصب في المكان الصحيح وتضرب التهريب والفساد.

ولكي تنجح أي سياسة دعم جديدة لا بد من حصول 3 أمور بسرعة منعاً للغرق. يجب أن تحصل على دعم سياسي داخلي كبير لمواجهة المعرقلين. يجب أن تضع الحكومة وسائل تواصل مع المجتمع لشرح أهداف السياسات الجديدة وجدوى التغيير النوعي. ومن الضروري وضع آليات تعديل الدعم أو إلغائه إذا احتاج المجتمع لذلك. فكلما دام الدعم كلما صعب تغييره، وبالتالي يجب أن تكون لنا رؤية واضحة حول كيفية التغيير، أو الخروج كليا من النظام المتبع.

إذا نجحت سياسات الدعم الجديدة في الأشهر الأولى من العهد الجديد، ومع الحكومة المرتقبة، ستأتي أموال جديدة إضافية سخية إلى الاقتصاد لتصب كلها في مصلحة المواطنين، وليس في جيوب المستفيدين في المجتمعين، المدني والرسمي، كما جرت العادة.

*كاتب لبناني

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4938ftu8

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"