معركة «تيك توك».. فصل في حرب الهيمنة التكنولوجية

21:26 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *

في كلية «جيرالد آر فورد للسياسة العامة» في جامعة ميشيغان في 2 من ديسمبر 2022، حذّر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) كريستوفر راي، من أن خدمة «تيك توك» لمشاركة الفيديوهات، تهدّد «الأمن القومي الأمريكي» وتعد مصدراً رئيسياً للقلق لأن الحكومة الصينية لديها مفتاح خوارزمية توصيات التطبيق، وهذه السيطرة «تسمح لهم (الصينيين) بالتلاعب بالمحتوى، وإذا أرادوا ذلك، استخدامه في عمليات تأثير»، كما أن الحكومة الصينية «تحتفظ أيضاً بالقدرة على جمع بيانات المستخدمين».

و«كل هذه الأمور في أيدي حكومة لا تشارك الولايات المتحدة قيمها، ولديها مهمة تتعارض إلى حد كبير مع ما هو في مصلحة الولايات المتحدة. وهذا يثير القلق الأمريكي». ويعنى هذا التحذير الذي أطلقه راي، أن مخاوف الأمن القومي الأمريكي لا تزال تلاحق «تيك توك»، لا سيما مع استهلال الرئيس الصيني شي جين بينغ فترة ولايته الثالثة.

وحققت شركة «تيك توك» نمواً مذهلاً في قطاع التكنولوجيا، وتجاوز عدد مستخدميها ملياراً في ما يزيد قليلاً على 5 سنوات، وهو إنجاز وصلت إليه أسرع بسنوات من منصات «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«إنستغرام».

ويتوفر «تيك توك» الآن في أكثر من 150 دولة، ولديه أكثر من مليار مستخدم، منهم 100 مليون أمريكي، معظمهم في المرحلة ما بين 13 و30 عاماً. وقد ازدادت شعبيته بشكل كبير بسبب الإغلاق والبقاء في المنازل المرتبط بجائحة كورونا، ولما كان التطبيق تمتلكه شركة صينية، فقد أصبح جزءاً من الجدل حول العلاقة مع الصين، والصعود التكنولوجي لها ومنافستها للتكنولوجيا الأمريكية، والتخوف من أن يحل محل «فيسبوك» أو «يوتيوب»، إضافة إلى القضايا الأمنية التي يثيرها الغرب بالنسبة لاستخدام التكنولوجيا الصينية.

تصريحات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، تثبت أن العنصر الوحيد في سياسة بايدن الذي لا يختلف فيه مع الجمهوريين، هو موضوع التنافس مع الصين. والذكاء الاصطناعي والمجال الرقمي اللذان يُعدان حسب معظم المراقبين، عنصر القوة غداً، يوجدان بالطبع في قلب هذا التنافس على الهيمنة.

خطوات الولايات المتحدة لحظر الشركات الصينية من خمسة مجالات رئيسية:

اعتباراً من أغسطس 2020 اتخذت الولايات المتحدة خطوات لحظر الشركات الصينية من خمسة مجالات رئيسية.

أولاً: تطبيق «تيك توك» تطبيق الفيديو الأكثر تحميلاً في العالم، وكذلك تطبيق «تنسنت» «Tencent» تمت إزالتهما من واجهة المتاجر الأمريكية التي تخدم أنظمة «أندرويد وأي أو إس».

ثانياً: تحركت حكومة الولايات المتحدة لمنع مصنعي الهواتف الذكية الصينية من الوصول إلى تطبيقات الهواتف الذكية المصممة في الولايات المتحدة، عن طريق منع التثبيت المسبق على الهواتف الذكية الصينية الصنع.

ثالثاً: الخدمات السحابية «أي كلاود» (iCloud)، حيث مُنعت شركة «علي بابا» وشركات صينية أخرى من تقديم خدماتها في السوق الأمريكية.

رابعاً: تم وضع سوق كابلات الاتصالات تحت سطح البحر محظوراً على الكابلات والتقنيات الأخرى التي تشارك فيها الدولة الصينية.

خامساً: في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية تم حظر شركات النقل الصينية من العمل في الشبكات الأمريكية.

كان الرئيس السابق دونالد ترامب قد أمر ببيع «تيك توك» لشركات أمريكية، من أجل تأمين البيانات في «سحابة» أمريكية متحكم فيها بشكل جيد، وكل ذلك باسم حماية الأمن القومي. وهكذا قدّم اتفاقاً كانت ستصبح بمقتضاه «تيك توك» كياناً مستقلاً عن الشركة الأم الصينية، وكانت ستصبح تابعة لشركتين أمريكيتين هما: شركة البيع بالتجزئة الكبيرة «وولمارت»، و«أوراكل»، وهي شركة رقمية.

ولكن تبين أن الاتفاق سيسمح ل«تيك توك» بالاحتفاظ ب80% من الحصص، وأن الشركتين الأمريكيتين لن تحصلا سوى على 20%.

كما ظهرت واضحة التعبئة القوية جداً من قبل الشباب الأمريكي من أجل الحفاظ على «تيك توك»، ومثّل هذا مشكلة بالنسبة لدونالد ترامب لأن 100 مليون مستخدم للتطبيق الذي يستخدمونه بشكل يومي تقريباً، مثل تكلفة حقيقية على شعبية ترامب، حيث استخدم نشطاء شباب، «تيك توك» لمناهضته، ولبثّ فيديوهات ضده.

كما كان حظر التعامل مع الشركات التكنولوجية الصينية قد شكّل مخاطر على أعمال شركات أمريكية، خصوصاً أكبرها «أبل» التي تعمل في الأسواق الصينية وتصنع فيها مستفيدة من رخص التصنيع في الصين، كما يمثل الصينيون 17% من عملاء الشركة حول العالم.

* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/vc5ukkrb

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"