عادي

علماء: حقوق المرأة.. عطاء إسلامي متميز

22:54 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني
لا تزال الاتهامات العشوائية توجه للإسلام وشريعته، حيث يزعم البعض أن الإسلام ظلم المرأة، وحرمها من حقوقها الإنسانية والمدنية، وميز الرجل عليها في أمور كثيرة، وأرجعوا ما تعانيه بعض النساء من ظلم وقهر وتسلط من آبائهن وأزواجهن إلى الواقع الذي تعيشه المرأة في بعض المجتمعات؛ حيث حكموا على علاقة الإسلام بالمرأة من خلال سلوكات الرجال معها، ومعظمها لم تخل من التجاوزات.

الصورة

يؤكد د. عباس شومان، أستاذ الشريعة الإسلامية، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أن الإسلام كفل للمرأة كل مقومات الحياة الكريمة، ورسخ قيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، فلم يميز جنساً على جنس؛ بل أقر كل ما ينظم العلاقة بينهما، ليؤدي كل منهما رسالته، وتنتظم علاقته بشريك حياته في إطار من المودة والرحمة والتعاون والتكافل كما نص القرآن الكريم في قول الله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون».

ويشدد د. شومان على أن الإسلام لا يميز الرجل على المرأة كما قد يتوهم البعض، ولا يشجعه في التسلط عليها، والتعامل معها بقسوة، وحرمانها من حقوقها، لأن المساواة بين الرجال والنساء أصل مقرر بنص القرآن الكريم: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء».

ويضيف: «من هنا جعل الإسلام (العدل) مبدأ من مبادئ الإسلام الشاملة التي جاءت لإصلاح شؤون الحياة كلها، وشدد على العدل والمساواة في الحقوق والواجبات في العلاقة بين الرجل والمرأة، لأنها مبدأ إسلامي أصيل لا يحتاج إلى أدلة وبراهين لتأكيده».

مسؤولية وحماية

يشير د. سيف قزامل أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر إلى سمو الإسلام بحقوق المرأة ووضعها في المكانة التي تليق بها في المجتمع، وأنه لا صحة لما يردده الجهلاء بالشريعة الإسلامية من تحامل الإسلام على المرأة لمصلحة الرجل، أو تمييزه عليها، موضحاً أن العلاقة بين المرأة والرجل تقوم على المسؤولية المشتركة التي أساسها ومعيار التفاضل والأفضلية فيها كلمة الحق والعدل مصداقاً لقوله تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم»، فهذا النص القرآني يؤكد أن المساواة والمسؤولية المشتركة هما الأساس لفهم وتأسيس العلاقة بين الجنسين، فالمساواة مقررة بنصوص قرآنية واضحة.

وعن نظرة الإسلام لحقوق المرأة السياسية والاقتصادية يؤكد أنها مساوية للرجل، فلها حق العمل والمشاركة في مختلف المجالات والوظائف والأنظمة والأدوار السياسية والاقتصادية في المجتمعات المعاصرة، وتحكم مشاركتها ضوابط وقواعد شرعية حتى تحقق تلك المشاركة المصلحة العامة للمجتمع.. ويقول: مشاركة المرأة في الحياة العامة ليست مظهراً للتباهي وليست شعاراً نتغنى به؛ بل هي في الإسلام حقوق يؤكدها الشرع ويحث على التمسك بها؛ لذلك ينبغي أن تكون مشاركة المرأة في الحياة العامة في بلاد المسلمين مشاركة حقيقية وفاعلة وتحقق ما تستهدفه من مصالح عامة وخاصة.

عمود الأسرة

توضح د. سعاد صالح أستاذة الشريعة الإسلامية والعميدة الأزهرية السابقة، موقف الإسلام المتوازن من حقوق كل من الرجل والمرأة، فالشريعة العادلة لم تنحز لطرف على حساب آخر، وتستهدف دائماً مصلحة الأسرة والمجتمع، وتقول: «المرأة عمود الأسرة، وأساس استقرارها، لن يتحقق ذلك الاستقرار إلا بالعدل والمساواة بين الزوجين، وهذا ما يستهدفه الإسلام من كل تشريعاته، فحقوق الرجل على زوجته تقابلها واجبات لابد من الوفاء بها، وإلا سقطت حقوقه.. والمرأة كذلك لها حقوق وعليها واجبات، فكل حق يقابله واجب».

وتدين د. سعاد كل سلوك يؤدي إلى حرمان المرأة من حقوقها، وتقول: «التعليم حق من أبرز حقوق المرأة ويجب أن تسعى الدولة والمجتمع لتوفير ودعم فرص المرأة في التعليم دون تمييز، وهذا الحق يمنع الأسرة من التمييز بين الولد والبنت في تلقي التعليم اللازم للارتقاء بهما مادياً ومعنوياً».

وتؤكد ضرورة تكافؤ الفرص والعدالة بين الذكور والإناث في فرص العمل، خاصة إذا كانت المرأة محتاجة ومعيلة؛ إعمالاً لمبدأ الرعاية والتيسير لا مجرد المساواة فحسب حفظاً للأسر من الانهيار.

وترد د.سعاد على الاتهامات الكاذبة التي يرددها غير المسلمين والمفاهيم الخاطئة العالقة بأذهان بعض المسلمين وتقول: «للأسف هناك ثقافة خاطئة تسيطر على عقول بعض الجهلاء بالإسلام بأن ديننا العظيم جار على حقوق المرأة وميز الرجل عليها، وقد تعودنا على هذا الكلام الساذج الذي لا يستند إلى دليل أو برهان من التشريعات الإسلامية من خصوم الإسلام الذين توارثوا هذه الثقافة المشوهة، وغابت عنهم مقاصد التشريعات الإسلامية، ونحن نرد عليهم ونكشف أكاذيبهم، لكن المؤسف أن يتورط بعض أدعياء الفكر والثقافة في بلادنا العربية والإسلامية في ترديد مثل هذا الكلام الساذج دون أن يتعرفوا إلى حقيقة ما قدمته الشريعة الإسلامية للمرأة من حقوق حضارية تحقق لها كل صور ومظاهر الحياة الكريمة التي تتطلع إليها المرأة في كل مكان».

شخصية قانونية معتبرة

يؤكد د.قزامل ضرورة تمتع المرأة بالأهلية الكاملة، وأن تكون لها ذمتها المالية المستقلة، ومسؤوليتها القانونية المعتبرة، وأن يكون لها حق التصرف الكامل المستقل، فالمرأة لها حق شرعي في الميراث، وعلى الدولة ضمان حصول المرأة على حقها، وعلى أهل العلم وحكماء الأمة وقيادات الرأي العام بذل الجهد لوضع حد للأعراف والتقاليد الظالمة، التي تعطل إعمال النصوص الشرعية لميراث المرأة، الذي وصفه الله تعالى بكونه (نصيباً مفروضاً)، ووضع الضمانات القانونية لحمايته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdhex5em

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"