مارلين سلوم
السادس من فبراير/ شباط 2023 كل شيء تغير، لم يعرف العالم أن ذلك اليوم سيبقى محفوراً في التاريخ، وأن العالم كله سيهتز بسبب زلزال، وأن ما سيحصل سيغير الكثير من القرارات والمواقع، وسيغير مصائر بشر ويرسم خريطة جديدة للعالم؛ الكارثة لم تكن متوقعة، هزتنا جميعاً وكأنها لحظة توقفت فيها الحياة، وتعطلت عقارب الساعة.. ثواني، دقائق، ساعات، ثم واصل العالم سيره، وواصل كل شخص عمله باستثناء المنكوبين وعائلاتهم.
طبيعي أن تستمر الحياة وتتواصل الأنشطة، لكن ما لا يمكن تقبله هو عدم تراجع شركة فنية عن إعلانها على صفحتها بعد الكارثة بيومين فقط عن إطلاق أغان لمطربين ومطربات، من بينهم أغنية جديدة للفنانة السورية أصالة، التي استدركت الأمر وطلبت إلغاء الإعلان الخاص بها عن صفحة الشركة.
وكأن الكارثة كانت بسيطة وعابرة، وكأن الضحايا وعائلاتهم ليسوا بشراً، وما حصل لهم قد يصيب أي منطقة وأي بشر على هذا الكوكب! تضامن الفنانين واجب في مثل هذه المحن والأزمات، وتحرك جهات وقنوات ومنظمي حفلات لإلغاء أو تأجيل حلقات وحفلات، المراد منها الترفيه والغناء والطرب، هو واجب أخلاقي وإنساني، لا بد أن يصدر بشكل تلقائي وفوري عن تلك الجهات، إلا إذا قرر الفنان التبرع بريع حفله لمساعدة منكوبي الزلزال، كما فعلت الفنانة بلقيس التي أعلنت عن تبرعها بكامل أجرها من حفلها في القرية العالمية في دبي لصالح المنكوبين في سوريا؛ وكما تم تأجيل حفل النجم عمرو دياب في جزيرة المها القطرية، حداداً على ضحايا الزلزال المدمر، علماً بأن موعد الحفل لاحق، وهو بمناسبة الاحتفال بعيد الحب؛ والموقف الأكثر نبلاً هو تبرع الفنان من ماله الخاص دون انتظار حفل أو مناسبة، مثلما فعلت النجمة نجوى كرم التي تبرعت بمليوني دولار لضحايا الزلزال في سوريا.
توقعنا أن تتوالى المواقف الإنسانية النبيلة، وأن يقف الفنانون صفاً واحداً لدعم الضحايا، ولكن المبادرات جاءت فردية وقليلة، وصدمتنا كانت كبيرة بمن واصلوا تقديم الحفلات الغنائية على المسارح في دول عربية، والصدمة من عدم إيقاف برامج غنائية على الأقل حداداً على أرواح آلاف الضحايا.
متى يؤدي الفن دوره الإنساني وينزل عن المنصة وبعيداً عن الأضواء، ليصير ذراعاً يتكئ عليها الجمهور في الأزمات؟ الفنان الذي يتباهى بملايين المتابعين والمعجبين على السوشيال ميديا، هل يصعب عليه التفكير بالتحرك لجمع التبرعات وبالتضامن مع زملائه النجوم من أجل المساهمة في إنقاذ الناس، وتوفير العلاج، وإيجاد مأوى ومؤونة وملابس ووسائل تدفئة لهؤلاء الذين فقدوا بيوتهم وأفراداً من عائلاتهم في هذا الشتاء الحزين؟.