ليالي الشارقة للشعر العربي

00:55 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد عبدالله البريكي

إن استضافة المثقف العربي في فعالية سنوية يعد إنجازاً كبيراً وتقديراً لدور المبدع العربي بفتح المنابر المناسبة التي تحتوي إحساسه وتحتفي بإبداعه الجميل، ومن خلال طموح الشارقة البعيد إلى أن تصل بالثقافة إلى مراتب عالية، وتدخل في نسيج الإنسان لتكون ديدنه ومتنفسه، فإن أمل المثقف العربي مع الذي يعمل على تفعيل النشاط الثقافي يسيران في الاتجاه نفسه، ويتحركان من خلال هذه المساحة الشاسعة من الآمال والأمنيات والطموحات، ويتطلعان دائماً إلى ألا يقتصر على هذه الاستضافة التي تقام مرة في العام، بل يتعداها إلى أن يتواجد هذا المثقف في إمارة الشارقة بصفة دائمة في فعاليات نشطة طوال العام بإقامة أمسيات وليال عربية تجمع الشاعر والناقد وغيرهما، كلاً حسب اختصاصه الموكل به مع المتلقي المتعطش لحضور الجمال، وهذه الليالي ستسهم بشكل كبير في عملية التواصل والالتقاء في مناخ ثقافي ملائم، ومن خلال هذا الالتقاء وهذا الحراك وما يتعلق به من نقاشات وطرح رؤى مختلفة تخدم الثقافة العربية، يتطلع الجميع إلى جعل الأدب العربي على الخريطة العالمية، وإبرازه بصورة مشرقة تليق بحاضره، وتنتصر لامتداده الحضاري الطويل.

وقد رسمت الشارقة لنفسها هذا المسار الثقافي الواضح من خلال الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأبت إلا أن تقوم بدورها المحلي والعربي والعالمي، من أجل خدمة هذا الدور المعرفي والإنساني، فسموه يؤمن بأن الفقير فقير العلم والمعرفة، والغني هو من يتسلح بثقافات تجعله قادراً على الوقوف أمام جيوش الجهل والأمية الغازية والتي لا تكل ولا تمل، ولا تتوقف عند مرحلة زمنية بعينها، فالعلم والجهل في صراع دائم ما بقيت الحياة مستمرة، ولذلك فإن التراخي أو التوقف عن الدخول في هذا المعترك سيفتح الباب أمام الأمية للعودة إلى احتلال جغرافيا كبيرة من عالمنا الذي نعيشه، وبفضل من الله، ثم بفضل هذا الدعم السخي الذي نراه كل يوم واقعاً ومجسداً في كثير من الدول، ومن ضمنها مبادرة سموه في إنشاء بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي، فإننا نستطيع القول إننا نتحرك بحرية وارتياح لتحقيق هذه الرؤية الصادقة الأمينة على أمّتها وحضارتها وتراثها العريق، والممتد إلى قرون متجذّرة في التاريخ والمكان والزمان، وسموه إذ يكرم الأدب ويقدر الأدباء بمبادراته المتتالية، فإن عطاءه عطاء من يستحسن هذا الأدب ويحبه ويبذل من أجله غالي الثمن، وكما قال ابن الرومي:

ليس الكريم الذي يعطي عطيته

                   على الثناء وإن أغلى به الثمنا

بل الكريم الذي يعطي عطيته

             لغير شيءٍ سوى استحسانه الحَسَنا

ولذلك، فإن المؤسسات الثقافية في الشارقة تسعى جاهدة إلى أن تفعّل دورها المنوط بها داخلياً بإقامة فعاليات متنوعة للمثقف الإماراتي والعربي المقيم على أرض الإمارات، ولا تقتصر على هذا النطاق المحلي، فهي تمد جسوراً من التواصل الثقافي والإنساني والحضاري للآخرين بزيارتهم أو استضافتهم في مهرجانات وفعاليات عدة، ويتضح هذا جلياً في ما تقوم به بعض الإدارات في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة من ملتقيات، وإحياء دور الشعر والثقافة والأدب وتنشيطه بشكل دائم، مثل مهرجان الشارقة للشعر العربي، ومهرجان الشارقة للشعر الشعبي وجائزة الشارقة للإبداع العربي، ومسابقة قصائد من عاصمة الثقافة، وما استحدثته الدائرة من خلال بيت الشعر في الشارقة ببرنامج «ليالي الشارقة للشعر العربي»، إضافة إلى الفعاليات الدورية التي أسهمت في جعل المكان حديقة غناء يتفيأ ظلها المبدع والمتلقي الذي يقدر هذا الجمال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"