لا تقرأ هذا الأدب

02:06 صباحا
قراءة دقيقتين
يوسف أبو لوز

كتب البير كامو روايته «الطّاعون» في الأربعينات ونشرها 1947 وتستعاد الآن قراءة، وترتفع مبيعاتها بعدما أعادت إحدى دور النشر الأوروبية طباعتها.
أما القارئ العربي فقد قرأها في ترجمة د. سهيل إدريس الذي نشرها في العام 1981 في دار نشره البيروتية العريقة (الآداب).
تدور أحداث الرواية في مدينة وهران الجزائرية، غير أنه لم يُعرف في أي مصدر أن هذه المدينة قد ضربها الطاعون، وبذلك، وكما قرئت الرواية في أكثر من مستوى، فإن الواقع يختلط بالخيال في هذا النص السردي الذي يُقبل عليه القارئ اليوم في حالة وباء آخر هو «الكورونا» الذي حشر العالم في مستطيله الوبائي من الصين إلى أوروبا، وبقية جهات الأرض.
في مطلع رواية الطاعون يقول البير كامو.. «.. هناك طريقة يسيرة للتعرّف على مدينة ما: هي أن نعرف كيف يشتغل فيها سكّانها وكيف يحبّون وكيف يموتون، وفي مدينتنا الصغيرة - يقصد وهران-.. كل ذلك يحدث معاً. بصورة واحدة..».
«الطاعون» رواية أمراض أيضاً، وليست رواية وباء بعينه. رواية لا تليق بوهران الأربعينات من القرن العشرين، المدينة البحرية الشاطئية الشهيرة بالفاكهة، بخاصة العنب، غير أن مخيّلة الروائي في النهاية هي التي تتحكم بالأمكنة، وبالبشر أيضاً.
العودة إلى رواية «الطاعون» هي عودة إلى مصطلح بات متداولاً هذه الأيام هو «أدب الأوبئة»، فلكل ظاهرة اجتماعية، أو سياسية، أو حتى اقتصادية مصطلحاتها الأدبية أو الفنية:.. «أدب السجون».. مثلاً، «أدب الرحلات»، «أدب المنفى»، «أدب الحب» وإلى آخره من توصيفات تفرضها اللحظة التي توجد فيها العناصر والظروف والأسباب التي تنتج المصطلح.
رواية «الحب في زمن الكوليرا» تتأرجح، إذاً، بين مصطلحين: أدب الحب، وأدب الوباء، فالرواية تقوم على قصة حب تعيش منذ الشباب في العشرين، وحتى الشيخوخة في السبعين، وفي الوقت نفسه هي قصة خدعة وبائية إن جاز التعبير، ففي حقيقة الأمر لم تكن هناك كوليرا على متن السفينة التي كانت تقل العاشقين - إلى ما لا نهاية من الحب- بل هي مجرد كذبة انطلت على قبطان السفينة الذي رفع علماً أصفر على سارية سفينته في إشارة إلى وباء الكوليرا.
تتبّع روايات «أدب الوباء» يشبه اللعبة، ويبدو أن الوباء موضوع روائي يستهوي الكثير من الكتاب بخاصة عندما يختلط فيه الواقع مع الخيال، ويشار هنا أن رواية «موت في البندقية» للألماني توماس مان، وموضوعها الكوليرا أيضاً سبقت كوليرا ماركيز بأكثر من ستين عاماً، فقد صدرت في العام 1922، أما رواية «الديكاميرون» وهي رواية وباء أيضاً فصدرت في 1353.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"