أسوار في وجه السلام باليمن

02:33 صباحا
قراءة 3 دقائق
حسن العديني
ليس في اليمن مخارج ولا منافذ. فهناك أسوار ترتفع وكوارث إنسانية تتداعى.
في الآونة الأخيرة دخلت اليمن منعرجاً خطراً بأحداث طرأت على مسارح العمليات العسكرية وفي ميداني السياسة والاقتصاد.
في الحرب، هاجمت ميليشيات الحوثي بزوارق حربية سفينة مدنية إماراتية بالقرب من باب المندب. وفي السياسية كلف مجلسهم الموازي لرئاسة الدولة محافظاً سابقاً لعدن بتشكيل حكومة، وأصدر وفدهم المكلف بالتفاوض المقيم في مسقط بياناً يطرح شروطاً على الأمم المتحدة لكي تستجيب لجهودها الرامية إلى إحياء المفاوضات. وفي الاقتصاد بلغت الأزمة حد العجز عن دفع مرتبات موظفي الدولة والقطاع العام.
الاعتداء على السفينة الإماراتية يؤكد مخاوف اعترت دولاً إقليمية عبرت عنها تصريحات دبلوماسية منشورة ومذاعة، مثلما صدرت تحذيرات في دراسات رصينة لخبراء استراتيجيين ومحللين سياسيين اهتموا بقراءة شخصية الجماعة الحوثية عقب سيطرتها على العاصمة اليمنية، وتوصلوا إلى أنها قد تشكل خطراً، بل هي خطر حقيقي، على الملاحة الدولية في واحد من أهم الممرات المائية، خصوصاً أنهم لا يملكون قرارهم. وإذا كان حكام طهران يحاذرون أحياناً من توليد الانطباع بأنهم لا يحترمون المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، فإنهم كثيراً ما يكلفون وكلاءهم بأعمال تتحدى وتؤذي.
دفع الحادث المملكة العربية السعودية إلى المسارعة في تنفيذ مناورة لأسطولها البحري في الخليج العربي، ومضيق هرمز، وبحر عُمان، وكذلك إلى أن تحرك الولايات المتحدة قطعاً من أسطولها نحو باب المندب.
رسالة السعودية المعلنة، كما وردت على لسان قائد القوات البحرية، أن هدف المناورات هو الدفاع عن حدود المملكة وحماية الممرات الحيوية والمياه الإقليمية، وردع أي عدوان، أو عمليات إرهابية محتملة قد تعيق الملاحة في الخليج العربي. ورسالتها الضمنية أنها تتحدى إيران، وليس الحوثيين وحدهم. والتحرك الأمريكي رسالة ثانية مضمونها أن واشنطن لن تتخلى عن حليفها المهم.
إن العملية الحوثية أقرب إلى القرصنة منها إلى البطولة. وأياً كان منطوق التحذير الصادر عنهم، فإن المجتمع الدولي لا يعترف بالسيادة على أراضي وسماء ومياه اليمن إلا للسلطة الشرعية.
مع هذا، فإن العملية تثير التساؤل حول مدى فعالية الحصار المضروب عليهم في البحر، وما إذا كانت دول تتعاون بالتضليل أو بالترهيب. ذلك يستدعي من التحالف المزيد من اليقظة لمنع وصول السلاح إلى البر اليمني توفيراً للجهد، وحتى لا تكون ملاحقته في المخازن وطرق الإمداد سبباً لإزعاج السكان بالدوي والدخان. لقد دأب الحوثيون منذ ظهرت قوتهم العسكرية على قصف أهداف مدنية في أماكن وصلوا إليها، أو قاربوا منها، أما وقد ذهبوا إلى البحر، ووضعوا الملاحة الدولية على خط الخطر، ففيه دلالات على ضعف كبير يعيشونه، وسخط من العالم لا يأبهون لتبعاته.
وهم الآن عرضة لحصار عسكري وسياسي واقتصادي سوف يقودهم إلى مهالك، وكانت مفاوضات الكويت أسفرت عن نجاح باهر للحكومة، وعن خيبة مريرة للانقلابيين تجلى في استخلاص مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وإخطاره مجلس الأمن. والأمم المتحدة تسعى الآن، وتحاول مع اشتداد المعارك، ترطيب الأجواء، فيقابلها الحوثيون باشتراطات تبقي السلاح في متناولهم. وهي إشارة إلى أننا قبالة جماعة تفتقد الخبرة واللياقة، وتنظر للتفاوض باعتباره صداماً بالسلاح، أو ملاكمة بالأيدي.
وفي السياسة تابع الحوثيون المغامرة، وشرعوا في تشكيل الحكومة بتكليف رئيس لها، في خطوة أثارت اعتراض دول راعية للتفاوض وظهرت تصريحات بينة من بريطانيا وفرنسا.
وفي هذا الخضم المخيف، استيقظ الرئيس هادي واهتدى إلى نقل البنك المركزي إلى عدن موجهاً ضربة موجعة. والحوثيون حاولوا الاختبار وقاموا بإجراء تحويلات لبعثات دراسية في بعض دول رفضتها البنوك الوسيطة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"