جمود وتعقيد

02:38 صباحا
قراءة دقيقتين

إعلان زعيمة حزب كاديما الحاكم في إسرائيل تسيبي ليفني مؤخراً فشلها في مساعيها لتشكيل ائتلاف حكومي بعد مفاوضات غير مجدية استمرت أكثر من شهر مع عدة أحزاب إسرائيلية ودعوتها إلى انتخابات تشريعية مبكرة، سيقلل بلا شك في فرص استمرار مفاوضات التسوية مع الفلسطينيين، بل سيجعلها أكثر صعوبة وتعقيداً وهي المعلقة أصلاً بسبب حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية. انشغال واشنطن بصفتها الراعي والوسيط، بمن سيكون الرئيس الجديد في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني، يجعل موضوع التسوية منسياً إلى حين، وبعيداً عن الاهتمام، والآن فإن الدعوة الإسرائيلية إلى انتخابات تشريعية هي تجميد العملية لفترة قد تمتد إلى نهاية يناير/ كانون الثاني أو خلال فبراير/شباط المقبل.

إخفاق ليفني في تشكيل الحكومة يعني استمرار رئيس الوزراء المستقيل ايهود أولمرت الملاحق والمتهم بالفساد في تصريف أعمال حكومة انتقالية لا تتمتع بأي شرعية ولا الأغلبية في البرلمان، ما يجعلها غير مخولة اتخاذ قرارات حاسمة في قضايا أساسية كالمفاوضات. هذه المستجدات تعني وضع حد ونهاية للعملية التي بدأتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش في مؤتمر أنابولس، وأدت إلى تحريك مفاوضات التسوية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 والعودة إلى المربع الأول بانتظار نتائج الانتخابات الأمريكية أولاً ومن ثم الإسرائيلية، وفي كلتا الحالتين فإن الخاسر الأكبر والمتضرر هو الجانب الفلسطيني.

المسيرة التفاوضية تعاني منذ زمن من فشل ذريع، ذلك لرفض إسرائيل الاعتراف بالحق الفلسطيني وتلقيها دعماً بلا حدود من واشنطن. وأياً كانت النتائج الانتخاببة فإن فوز ليفني في إسرائيل أو المرشح الديمقراطي في أمريكا باراك أوباما أو الجمهوري جون ماكين فإن ذلك لن يأتي بجديد على صعيد التفاوض، وأن موقف ليفني القائم على التطرف من قضايا الحل النهائي لن يتغير، خاصة أنها خلال جولة التفاوض الطويلة التي خاضتها، طالبت أن تكون القدس خارج التفاوض وشجعت على استمرار الاستيطان ورفضت عودة اللاجئين.

أيضاً نتائج الانتخابات الأمريكية لن تحدث تغييراً جذرياً في سياسة واشنطن تجاه القضية الفلسطينية، حيث إن التغيرات المرتقبة في الإدارة الأمريكية والتي ستفرزها الانتخابات لن تكون جوهرية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بالذات، ذلك أن هناك اجماعاً رسمياً وشعبياً في أمريكا على استمرار دعم إسرائيل باعتباره قراراً مؤسساتياً ومجتمعياً لن يتغير بنتائج الانتخابات.

لا شك أن أي تأخير في مفاوضات التسوية سيؤدي الى إضاعة مزيد من الوقت، وطول انتظار خاصة مع تعثر العملية التفاوضية ومراوحتها مكانها، الأمر الذي ينذر بحالة جمود جديدة وتأثير سلبي على القضية الفلسطينية، سيستمر حتى بعد نتائج الانتخابات أمريكية كانت أم إسرائيلية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"