حفلات تخرّج تلامس النجوم

04:40 صباحا
قراءة 3 دقائق

في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما في مختلف دول العالم، انتهى عام دراسي توجته الجامعات بحفلات لتخريج طلابها تم بث بعضها عبر شاشات التلفزة وخلد البعض الآخر على صفحات الصحف والمجلات في أرجاء البلاد، صوراً للحظات رائعة .

إن الأعداد الهائلة للخريجين الذين يستعدون لدخول عالم المهنة تشير حتماً إلى النجاح الذي تحققه الجامعات الإماراتية في تعليم وإعداد جيل من العقول الشابة لخوض غمار المستقبل .

لقد شاهدت احتفالات التخرج في الجامعات هذا العام، ولقد وجدت نفسي دون أن أشعر، أجري مقارنة بين الاحتفالات التي تجري في بلادنا وتلك التي تجري في الغرب، ففي الإمارات، مازالت الجامعات، حسبما أذكر، تكرر الأداء ذاته في كل عام، الخريجون يجلسون في مقاعد ويستمعون إلى كلمة يلقيها أحد المسؤولين الحكوميين، ويتلو ذلك خطاب لعميد الجامعة تتبعه كلمة عريف الحفل الوداعية .

إنه نوع من التكرار، لكنه يشكل واحداً من أهم طقوس الجامعة التي يجب أن تقام كل عام، لكن ألا يجعلنا ذلك نتساءل عما تحتويه هذه الطقوس من إلهام؟

في لحظات التخرج، ينتظر الطلبة بكل شغف وحماسة تسلم الشهادات، وفي تلك اللحظات بالذات، قد يترك سماع كلمات مشجعة، أو رؤية شخصية ملهمة، تأثيراً كبيراً في نفوسهم . ففي الولايات المتحدة مثلاً، تختار الجامعات عادة لتخليد لحظات التخرج شخصيات مشهورة ومعروفة لدى العامة لتلقي كلمتها . وقد يكون الشخصية التي يقع عليها الاختيار من الوسط السياسي، أو الفني، أو قد تكون مديراً تنفيذياً، أو أي شخصية عامة أحدثت اختلافاً في مجال اختصاصها أو مهنتها .

وهكذا، يمر الخريجون بما يمر به كل طلاب العالم من إجراءات اعتيادية، لكنهم فوق هذا لا يحظون بفرصة لقاء شخصية معروفة فحسب، إنما تتاح لهم كذلك فرصة الاستماع منها مباشرة إلى إنجاز قد يصبو إليه أي واحد منهم .

أما الغاية من هذا اللقاء، فهي مواجهة الخريجين بقدوات حسنة لها امتيازاتها الفعلية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، كي تترك تلك الكلمات التي يلقيها أشخاص معينون صداها في عقول شباب يحتاجون أكثر ما يحتاجون إلى التشجيع والثقة بالنفس للتمكن من مواجهة العالم مع نهاية عام 2011 .

وهذا العام، ارتقت جامعة ماساشوستس بخريجيها إلى مستوى النجوم فجعلت ذكرى تخرجهم يوماً لا ينسى، وذلك عندما اختارت رائدة الفضاء كاترين كولمان من وكالة ناسا، لتلقي عبر الفيديو كلمة مباشرة من المحطة الفضائية الدولية التي تدور حول الأرض .

وفي جامعات أخرى في الولايات المتحدة، وجه الرئيس أوباما للطلبة كلمة لأنهم كانوا مصدر إلهامه، و قالت آريانا هوفنغتون إن القائد ليس من يعتلي صهوة جواد أبيض، إنما القائد هو من نراه في المرآة! أما ستيفي وندر، فقد قدم للخريجين أغنية أنت شمس حياتي، بينما ألقى كونان أوبريان وعلى مدى نصف ساعة كلمة طريفة جعلت الطلبة يبكون من كثرة الضحك .

إننا نعيش في زمن لم يعد فيه للشهادات الكثير من المعنى، خصوصاً أن فرص العمل باتت نادرة، كما أن الجيل الجديد الذي يؤمن بالشهرة والمال، يظن أنه يمكنه تحقيق ما يصبو إليه بالسهولة نفسها التي يمكن فيها اكتشافه على موقع يوتيوب . لكن الأمر حتماً أكثر أهمية بالنسبة للطلاب الذين آثروا الدراسة على أي خيار آخر، وفضلوا أن يروا أمام أعينهم نتاجاً من بلادهم وصل إلى أعلى المستويات بالجد والإصرار .

ينبغي على الجامعات في بلدنا أن تفكر في الأعوام المقبلة في دعوة ضيوف يتحدثون في حفلات التخرج، على أن تختار شخصيات ممن تشاء رغم ضرورة تأكيد اختيار المواهب الوطنية . وإذا كانت دعوة متحدث عالمي أمراً في غاية الأهمية، فإن دعوة شخصية إماراتية تكون أكثر وقعاً وأكثر فاعلية لأنها تنتمي إلى بيئة الخريجين وتدرك ثقافتهم، فمن الأسهل التفاعل والتعاطف مع شخص متمازج مع ثقافتنا من شخص ينادي من الجانب الآخر من العالم! وبإمكان الجامعات أن تعلن مسبقاً عن أسماء المتحدثين الذين يقع عليهم اختيارها، وذلك من خلال نشرات توزع على الخريجين وتتضمن قوائم بتلك الأسماء .

إن هذا القرار، يعود بالنفع حتماً على الخريجين وعلى الجامعات على حد سواء، فالجامعة قد تدرج اسمها في أعلى القائمة التي يندرج فيها اسم المتحدث المناسب لحفل التخرج ما يعطيها شهرة أوسع!

إن احتفالات التخرج من المناسبات القليلة في الحياة التي يظن فيها المرء أن كل شيء ممكن، وعلى المربين تقع مسؤولية استغلال هذه اللحظات لإرشاد طلابهم إلى نهاية رحلتهم معاً، وإعدادهم لدخول العالم وهم يتحلون باندفاع وتأثير يمكنانهم من إحداث التغيير فيه نحو الأفضل .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس تحرير صحيفة Gulf Today الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"