لماذا لا نلتزم بيوتنا؟

04:51 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

هل بالإمكان أخذ غير المبالين بتعليمات الالتزام بالبيوت، في رحلة جوية إلى بعض الدول المنكوبة ب «كورونا»، حتى يقدّروا النّعمة والاطمئنان اللذين هم فيهما.
هل هذا حلّ منطقي لإشعارهم بنعمة «التزموا بيوتكم» في ظل أنّ كلّ شيء متوافر وموجود، ولا نقص في أي سلعة، وما تحتاج إليه يأتيك بمكالمة هاتفية، مع عوامل أمان عالية.
هل يعلمون أن الكثير من سكان مدن العالم يحسدوننا على النعمة التي نسعد بها في الإمارات، نعم نعمة، ومن يقول غير ذلك، جاحد.
لو نشرنا الكثير من الفيديوهات المتداولة لما يجري في دول العالم، سواء من الإقبال الجامح على سلع ومنتجات، أو اقتتال على لقمة العيش، لعرفنا حقيقة أننا في ألف نعمة.
ومادامت الأمور في الإمارات تحت السيطرة، وبهذا المستوى من الأمن والرفاه، فلمَ يصرّ البعض، على خلق اضطرابات، وتجمّعات غير مبررة، حتى نصل إلى أن تضطرّ الجهات المسؤولة على إجبارنا على الجلوس في بيوتنا والابتعاد عن الاكتظاظ، والتّماس والاحتكاك المباشرين؟!
ألم يفهم كثُرٌ أن الإجراءات التي اتّبعتها الجهات المعنية من إغلاقات لمعارض وتأجيل لمؤتمرات وفعاليات، وما تبعها من قرارات، هدفها منع تجمّع الناس وإبعاد بعضهم عن بعض، قدر المستطاع، حتى لا يحدث نشر للعدوى؟ وإلا فإن الجهات المعنية ستضطر إلى إلزامنا على البقاء في بيوتنا إلزاماً، كما حدث في الكثير والكثير من الدول التي أغلقت مراكز تسوّق، ومحطّات ومحال تجارية.
الحال التي نعيشها نادرة جداً، ولم يمرّ على البشرية أن اجتاحها «فيروس» كهذا، بهذه السرعة، فعندما حدث ذلك سابقاً كان في مناطق محددة، ثم انتشر إلى أماكن مجاورة، أباد الكثير قبل أن يكتشفوا المصل المضاد، ولكن لم نعش وقتاً فيه مصاب واحد يمكنه أن يحطّ في عشر دول في يوم، لو أراد، بفضل الطيران ووسائل النقل. ولم تكن لدينا، كذلك، وسائل تواصل تعلمنا بما يحدث في أقصى بقاع الأرض، وفي وقت علم سكان تلك البقاع.
الجائحة ليست بالأمر الهيّن أو الذي يمكن أن يُنظر إليه باستهانة وعدم مبالاة، لكن في الوقت نفسه، عدم الهلع والذعر والشعور بأن الموت ينتظر فاغراً فاه على عتبات الأبواب، المطلوب توخّي الحذر واتّباع التعليمات التي يصدرها المختصون، فهم الأقدر على تقييم الأمور ودراستها ووضع الحلول الناجعة، فابتعادنا عن التجمّعات لن ينقص من أيامنا، والبقاء في المنزل، وعدم الخروج إلا للضرورة، لن يقلّلا من شعورنا بالاطمئنان.
الفيروس خطر، لكن وعينا وحيطتنا وحذرنا، تقلّل من خطره بالتأكيد. فإذا كان الأطباء يمنعوننا من لمس وجهنا، فهل نحن غير قادرين على عدم الخروج ولو لأيام؟!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"