إنصاف معلِّمي «الخاص»

03:56 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

حتى وإن كان القطاع الخاص سيد نفسه، فإن مجالات العمل في نطاق متشابه، من الأفضل أن تكون لها مرجعية واحدة تضبط آليات عملها، ودرجات التعيين فيها، وسلّم الرواتب.
الحديث هنا يتعلق بالمدارس الخاصة الموجودة في الدولة، فلأنها تتعاطى مع الجمهور نفسه وتقدم خدماتها للفئة نفسها، وتكاد تتطابق آليات عملها وساعاته، إلا أنها تشهد فروقاً كبيرة جداً بين الرواتب والامتيازات، ما أسهم تلقائياً في تصنيف المدرسين أنفسهم، فنجد المدرس الذي يعمل في مدرسة أجرها أكبر يرى نفسه أكثر كفاءة من زمليه الذي يعمل في مدرسة رواتبها أقل، على الرغم من أن هذا المعيار ليس صحيحاً.
عدد المدارس الخاصة في الدولة يزيد على الحكومية، وحسب آخر إحصائية بلغ عددها 643 مدرسة، بينما الحكومية 619، والأهم من ذلك هو أن عدد الطلبة في المدارس الخاصة 4 أضعاف «الحكومية»، ويبلغ أكثر من 810 آلاف طالب وطالبة، بينما عدد التلاميذ في «الحكومية» لا يزيد على 290 ألفاً. ويزيد عدد المدرسين في القطاع الخاص على 50 ألفاً، بينما يبلغ مدرِّسو القطاع الحكومي 22 ألفاً.
الأهالي يجزمون بأن قضية رواتب المدرسين وامتيازاتهم تنعكس على أبنائهم، فهم ينشدون في المدارس الخاصة أن يكون أبناؤهم في مستوى تعليمي أفضل من الذي تقدمه الحكومة (علماً بأن الحكومة تقدم تعليماً أفضل بأشواط من بعض المدارس الخاصة)، وبعضهم يرى أنه ما دام أدخل ابنه إلى مدرسة خاصة، فإنه يجب أن يحصل على مقدار كبير من التعليم والمعرفة، مع إدراك الأهالي للخدمات التي تقدمها مدارس بعينها، ويُعدّ دخولها حكراً على أبناء المقتدرين؛ لأنها بشهادة الجميع تقدم مستويات عالية جداً من الأنشطة التعليمية والترفيهية للطلبة.
المطالبة هنا بوضع سلّم للرواتب للعاملين في هذا القطاع، ليس مردها تحديد سقوف الرواتب، بغض النظر عن النتيجة. فمن المعلوم أن مدارس معينة تُعطي رواتب أفضل وامتيازات أكثر؛ لأن دخولها من رسوم الطلبة أعلى من غيرها، لكن مردّ ذلك إلى أن بعض المدارس باتت تستغل حاجة العامة للعمل، فتُعيِّن أياً كان، ما دام الراتب الذي ستدفعه آخر الشهر سيكون كذلك «أياً كان».
مسألة التعليم في غاية الحساسية، ويجب ألا يُقبل للعمل في هذا القطاع أشخاص غير أكفاء وغير قادرين على العطاء؛ لأن المدرسين مطالبون هنا بألا يرتبط عطاؤهم بحجم الراتب أو الامتيازات التي يتقاضونها.
وبما أن المعادلة في هذه المسألة يصعب تحقيقها، فمن الأفضل أن تتولى وزارة التربية والتعليم، الإشراف على رواتب معلمي القطاع الخاص، بوضع حد أدنى لها، ومنع التفاوت الكبير بين رواتبهم، فمن غير المعقول أن ننتظر من معلم راتبه 3 آلاف درهم، أن يُخرِّج جيلاً قادراً على الفهم والإدراك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"