اللقيط

01:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
عرف اللقيط في الأحاديث بأنه "من طرح صغيراً لأول ما يولد، فإذا أخذ فهو لقيط، وإذا بقي مطروحاً فهو منبوذ" (انظر فتح الباري ج 1 ص 192) .
وقبل أيضاً بأن اللقيط هو "كل طفل يوجد ملقى على الطريق ولا يعرف أبواه" (انظر عون المعبود ج 8 ص 82) .
وفي كتب الفقه عرفه الأحناف بأنه "اسم لحي مولود طرحه أهله خوفاً من العيلة أو فراراً من تهمة الريبة"، (انظر كتاب المبسوط ج 6 ص 146) .
والشافعية قالوا: "هو صغير منبوذ في شارع أو مسجد أو نحو ذلك، لا كافل له معلوم ولو مميزاً لحاجته إلى التعهد" . (انظر مغني المحتاج ج 2 ص 417) .
وعند الحنابلة "هو الطفل المنبوذ"، (انظر المغني لابن قدامة ج 6 ص 403) .
ونخلص من هذه التعريفات أن اللقيط مصطلح خاص بالآدمي، وهو طفل حديث الولادة نبذه أهله، ولا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى ولا أبيض وأسود، فالمهم أنه حديث الولادة .
ويترجح تعريف المالكية الذي يقول: "إن الصغير من ولادته إلى البلوغ يقال له لقيط، إذا وجد ولا أهل له، لأنه في هذه المرحلة يحتاج إلى من يرعاه" .
واللقيط عند جمهور الفقهاء يفرض التقاطه، لكن على سبيل فرض الكفاية، وقد نصت مدونة الإمام مالك على هذا، كما نص "مغني المحتاج" من كتب الشافعية، وكذلك كتب الحنابلة .
والتقاطه فرض كفاية، لأنه من باب "وتعاونوا على البر والتقوى"، وكذلك لقوله تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" (الآية 32 من سورة المائدة) .
فاللقيط آدمي محترم، لذا وجب حفظه بالتربية وإصلاح حاله كالمضطر كما يقول مؤلف "كفاية الأخيار" من كتب الشافعية .
واشترط الشرع في ملقتطه أن يكون مسلماً، لأنه مولود على الإسلام بالفطرة ولا ولاية لغير المسلم على المسلم .
ويشترط أيضاً أن يكون مكلفاً، فلا يصح للصبي لا للمجنون أن يلتقط اللقيط . واشترطوا فيه أن يكون حراً وعدلاً أميناً، فالفاسق ظاهر الفسق لا يحق له ذلك، ومن توافرت فيه هذه الشروط كان أولى بحضانته وتربيته، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به" (رواه أبو داوود) .
ويترتب على هذا القول أن يكون للقيط حقوق كثيرة في الشرع، أوصلها بعضهم إلى تسعة حقوق هي: الحرية والنسب والدين والنفقة والتملك والحقوق المدنية وحفظ العرض والحماية والحفظ من التنازع .
ولعل أهم ما في هذه الشروط حق النسب، فاللقيط إذا كان بيد ملتقطة وادعى أحد بأنه ابنه وأثبت ذلك لهو له، لأن النسب لا يثبت بالتبني، ويكون له حق لو كان كافراً، فالطفل لا يحرم من حق الأبوة أو الأمومة في مرحلة الحضانة، وهذا هو رأي بعض الفقهاء حتى لا يتهم دين الإسلام بأنه منفر .
هذا إذا التقطه شخص ثم ادعى شخص آخر بأنه أبوه، ولكن إذا التقطه أكثر من شخص ولم يعلم له أهل، وتنازع على طلبه أكثر من شخص، فإنه يعطى للأصلح .
نعم . . وقد تغيرت صورة اللقيط اليوم، حيث إنه إذا وجد، سلم إلى مؤسسات خاصة في الدولة كالمستشفى أو هيئة تنمية المجتمع أو وزارة الشؤون، فإذا لم يتقدم أحد يطلب تربيته، بقي في يد الدولة تربيه .
وإذا طلبه أحد ليتبنى تربيته، فإنه بعد أن يتحقق من وجوده في المستشفى أو الهيئة، يذهب إلى وزارة الشؤون أو هيئة تنمية المجتمع، فيقدم طلباً بذلك ويعبئ الاستبانة الخاصة والموضحة فيها الشروط .
وإذا وصل الطلب إلى النيابة حولته إلى المحكمة، ومن خلال المحكمة يتحدد مصيره ومستقبله ضماناً لحقه في الانتساب، وحقه في الحياة كأي فرد من أفراد المجتمع .
ونؤكد أن اللقيط بالتبني لن ينسب إلى مربيه، ولن يضاف إلى خصالة قيده، بل يستقل بخلاصة قيد باسمه، ولن يكون محرماً على أسرة من رباه .

د.عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"