العصامي خلف الحبتور وتجربة الرواد

01:57 صباحا
قراءة 3 دقائق

العصامية تعني في معناها المبسط أن يخلق الإنسان لنفسه دوراً يتسم بالريادية والإبداعية، دون أن يكون معتمداً على مآثر سلفه من أهله وذويه، وبهذه الصفة، صفة العصامية، يحفر العصامي في نطاق مجتمعه الذي يعيش بين ظهرانيه، اسمه في جدارية التاريخ، ويبقى هذا الاسم لامعاً وملفتاً مهما مر عليه من الأيام والسنين .

وفي الواقع فإن الكثير من الأسماء التي نسمع صداها عالياً في سماء النجاح في أعمالهم الخاصة والعامة في الإمارات، هي عصامية بالفعل وبالحقيقة، ولا يمكن أن ننفي عنها هذه الصفة لأن من النادر أن نجد في الإمارات من ورث من ذويه مؤسسة تجارية أو اقتصادية على سبيل المثال، جعلته في مكانة مرموقة بين كبار رجال الأعمال في العالم . ولو عرجنا على اسم من هذه الأسماء لنضرب به مثلاً في العصامية الرائدة، لوجدنا بوراشد، خلف الحبتور، يأتي في مقدمة صفوف أسماء الرواد، بما حققه بوراشد لنفسه من المكتسبات في عالم التجارة والاقتصاد، قلّما نجد لمثل هذا المكتسب شبيهاً في الساحة الإماراتية اليوم .

خلف الحبتور، يقرّ ويؤكد على الدوام وكرر هذا القول في الكلمة التي ألقاها في الحفل الذي أقامته مؤسسته الهندسية منذ أيام، 12 ابريل الجاري، بمناسبة مرور اربعين عاماً على إنشاء مؤسسته، أن الذي فجّر فيه طاقة العصامية هو الشيخ راشد بن سعيد رحمه الله، وقد صدق خلف الحبتور، إذ إن الشيخ راشد لم يكن محباً ليرى دبي تعمر في كل يوم عمراناً جديداً فحسب، بل كان كثير التشجيع للآخرين أن يشاركوه في الجهد المبذول من أجل البناء، ومن ميزات هذا القائد أنه كان يشجع الناس ويخلق حوله مشاركين ومعاضدين في عملية البناء، وذلك بإعطائهم فرصاً واسعة، وأحياناً الدعم المالي، ويسند إليهم مشروعات صغيرة وكبيرة بغية أن يستقيم أمر المشاركين ويسهل عليهم الاتجاه لنمو أعمالهم التجارية، وكان الشيخ راشد من القادة الذين يؤمنون أن العمل على خلق رجال الأعمال في البلد هو السبيل الحقيقي للنمو التجاري، والتجار هم الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها التنمية .

إذن، خلف الحبتور هو إفراز لسياسة التنمية التي كان يتبناها المغفور له الشيخ راشد، بل إفراز للسياسات التي اتخذها حكام دبي من آل حشر بن مكتوم مبدأ لهم، بدءاً بالشيخ مكتوم بن حشر مؤسس العمران التجاري، وانتهاءً بحاكم دبي الحالي الشيخ محمد بن راشد الذي يعمل على إيجاد عزائم جديدة لرجال الأعمال الإماراتيين، وخلق الإبداع والتميّز في الشأن التجاري والاقتصادي .

والذي يميّز خلف الحبتور عن بقية رجال الأعمال من طبقته أنه صاحب رؤية في العصامية والاعتماد على النفس، ويضع أمام الجيل الجديد من الشباب مناهج ترشد إلى طرق النجاح، ومن حق بو راشد، خلف الحبتور، أن يتباهى بما حققه لنفسه ولأسرته من اسم وإنجازات في عالم الاقتصاد والتجارة، ومن حقه علينا ان نتباهى أيضاً بوجود عصاميين ناجحين من أمثال خلف الحبتور في مجتمع الإمارات، الذين لم يكتفوا بما حققوه من النجاح في المجال التجاري وحده، ولكن في مجال العصامية والريادية والتزود بزاد وافٍ من الثقافة الذاتية والتجارب والخبرات .

وفي غمرة هذا التباهي المتبادل يحق لكل واحد منا، بعد تقديم التهاني والتبريكات على مرور هذه السنين الحافلة بالإنجازات والامنيات بالمزيد من التقدم، أن يدعو بو راشد إلى الالتفات إلى مشروعات خيرية وخدمية للمجتمع الإماراتي، وتسخير جزء مما منّ الله به عليه من خير لصالح المجتمع في مجالات التعليم والصحة والإسكان بشكل عملي وتنظيمي مستدامين، أو ما يسمى في العرف الفقهي بالصدقة الجارية، وفي رأيي أن مثل هذه المشروعات النفعية هي الإطار الحقيقي الذي يحفظ الصور الزاهية للإنسان الخيّر من أمثال بوراشد،

وهي التي تكون له من الباقيات الصالحات، والباقيات الصالحات خير عند ربك وأبقى .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"