رسائل «الشراكة عبر الهادئ»

02:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العظيم محمود حنفي

في الثامن من مارس/‏آذار، وقّع وزراء التجارة من 11 بلداً (كندا والمكسيك ونيوزيلندا وأستراليا، وبروناي وتشيلي وسنغافورة وبيرو وفيتنام وماليزيا واليابان)، بالأحرف الأولى، اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ TPP، وهي إحدى أكبر اتفاقيات التجارة الحرة. وستدخل اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ لتحرير التجارة TPP حيز التنفيذ في الثلاثين من ديسمبر/‏كانون الأول، القادم، بعد مصادقة أغلبية الدول الأعضاء، أو ست دول من بين إحدى عشرة دولة على الاتفاقية. وكانت أستراليا الدولة الأخيرة التي تقوم بذلك، مما مكّن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ بعد ستين يوماً.
وأعلنت فيتنام أنها ستصادق عليها خلال أيام. ويعتبر ذلك انتصاراً لليابان وهي أكبر اقتصاد في الإحدى عشرة دولة التي أخذت زمام المبادرة في ذلك الإنجاز. وكان السيناريو الأفضل بالطبع، التوصل لاتفاقية TPP-12؛ أي بمشاركة الولايات المتحدة أيضاً، ولكن الولايات المتحدة انسحبت من المفاوضات بعد أن أصبح دونالد ترامب رئيساً. ويتزايد زخم الإجراءات الحمائية في التجارة بالولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، فرضت واشنطن تعريفات جمركية عالية على واردات الصلب والألمنيوم، سعياً للحد من الشحنات.
ويرى كثير من مراكز الفكر والرأي الأمريكية أن اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، تعد حجر الزاوية في «المحور الآسيوي» الذي كانت تطمح إليه إدارة أوباما، التي كانت تسعى إلى تقدم مجموعة من الأهداف الرئيسية الشاملة؛ استدامة وتقوية القيادة الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأنه ينبغي النظر إلى الهيمنة الجيوسياسية الصينية عند التفكير في اتفاقية TPP، ففي غياب القيادة الأمريكية، ستكون الصين قادرة على وضع قواعد التجارة العالمية، وهذا يعني زيادة الهيمنة الصينية في المحيط الهادئ على حساب الولايات المتحدة، كما يعودون إلى الاعتبار الجيوسياسي.
وتفعيل الشراكة عبر الهادي كان سيُظهر لليابان وللحلفاء الآخرين في شرق آسيا، أن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على النظام الاقتصادي الليبرالي المعمول به بعد الحرب العالمية الثانية.
والواقع أن توقيع اتفاقية TPP-11، من قبل إحدى عشرة دولة عضواً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مهم، من منظور أن الاتفاقية تدعو لتحسين الوصول إلى الأسواق، بما في ذلك إلغاء التعريفات الجمركية، ولهذا فهي تمثل قوة تعارض الإجراءات الحمائية التي تنتهجها الولايات المتحدة.
وتتضمن اتفاقية TPP-11 نحو 1000 بند، من بينها نحو عشرين بنداً تم التخلي عنها بعد الانسحاب الأمريكي، وتشمل طول المدة التي ينبغي فيها حماية البيانات البيولوجية، وتسوية النزاعات بشأن حقوق النشر، وكذلك النزاعات بين المستثمرين والحكومات. وتشكل الدول الإحدى عشرة ما مجموعه ثلاثة عشر في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وستقود هذه الاتفاقية إلى إلغاء أو خفض التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية، وإنشاء قواعد بشأن حقوق الملكية الفكرية بين الدول الأعضاء. وتنص على إزالة الحواجز غير المرتبطة بالرسوم أيضاً، مثل فتح طلبات استدراج العروض الوطنية من قبل الدول الأعضاء، أمام الشركات الأجنبية بدون تفضيل شركاتها العامة، وتحديد معايير مشتركة للتجارة الإلكترونية والخدمات المالية، واحترام حق العمل وفق معايير منظمة العمل.
وتسعى الحكومة البريطانية لإبرام اتفاقيات تجارة حرة مع عدد من الدول، بينما تستعد للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وأعلنت أن «انضمام المملكة المتحدة لاتفاقية TPP المكونة من إحدى عشرة دولة، ليس مجرد انضمام لمجموعة اقتصادية؛ وإنما هناك عنصر استراتيجي ألا وهو توجيه رسالة بشأن النظام المستند إلى قواعد، والدفاع عن التجارة الحرة ومعارضتها لمبادئ الحمائية.
وأشارت إلى أن مجموع إجمالي الناتج المحلي للدول الإحدى عشرة المشاركة في اتفاقية TPP، يصل تقريباً لإجمالي الناتج المحلي للاتحاد الأوروبي بدون المملكة المتحدة.
بقي أن نشير إلى أنه سيُطلق على الاتفاقية الجديدة اسم: الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة العابرة للمحيط الهادئ لتحرير التجارة، أوCPTPP.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"