نحن.. والآخرون

02:46 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

يذهب خيال المرء بعيداً، ويدخل إسقاطاته ومقارناته وهو ينظر إلى شاشات تداول البورصات العالمية، ويهز رأسه متعجباً ومتسائلاً.. أين نحن منهم؟
قبل أيام وأنا ضمن عشرات الملايين من المتابعين لأسواق العالم وتحركاتها، وتحديداً أسهم شركة السيارات الأمريكية «تيسلا» التي جذبت أنظار الجميع، بعد الأداء والارتفاعات الصاروخية لأسهمها التي رفعت قيمة الشركة لأكثر من 100 مليار دولار، وجعلتها أكبر من «فورد» و«جنرال موتورز» مجتمعتين استرعى انتباهي حجم وقيمة التداولات على هذه الشركة، والشركات الأخرى المدرجة في الولايات المتحدة.
20 مليون سهم تداولات على سهم «تيسلا» خلال يوم واحد.. الرقم طبيعي لكن يصبح مخيفاً عندما نعلم أن سعر السهم يفوق 550 دولاراً، ليصبح الرقم مخيفاً أكثر عندما ندرك أن تداولات اليوم الواحد على سهم شركة تتجاوز 10 مليارات دولار، وإذا أضفنا مئات الشركات في البورصة الأمريكية، فإننا ندخل في عشرات التريليونات من الدولارات يومياً.
لماذا شركة واحدة مثل «تيسلا» أو «بنك أوف أمريكا» أو «أبل» تفوق تداولاتها يومياً تعاملات أسواقنا المحلية والخليجية والعربية مجتمعة لأسابيع!
لا نريد أن نجلد ذواتنا، ولكن في الوقت نفسه لا نريد أن نبقى كذلك على هامش العالم، فإذا قلنا إننا أسواق ناشئة، فإن هناك العشرات من الأسواق الناشئة في العالم التي سبقتنا بمراحل، ونحن ما زلنا نتلمس خطواتنا.
إذا أردنا النهوض بأسواق أسهمنا سواء محلياً أو عربياً، فإن علينا أن نبدأ بتجهيز بيتنا أولاً.
نتحدث هنا عن الأطر التنظيمية والإشرافية والرقابية، التي هي حجر الأساس في خلق الثقة لدى المتعاملين في هذه الأسواق، سواء من داخل البلد أو من الخارج، حيث انتقال الأموال أصبح أكثر يسراً، وحيث التنافس على أشده بين أسواق العالم قاطبة التي أصبحت متاحة للجميع، بفضل التقنية التي تنقلك من سوق إلى آخر ب«كبسة زر» أو «لمسة شاشة».
العامل الآخر الذي يطور أسواقنا يكمن في خلق ثقافة الاستثمار في الأسهم، فهي شبه معدومة أو ظاهرة عابرة تتصدر بين الحين والآخر، وهذه الثقافة يجب أن تشمل شرائح المجتمع كافة، ولا تقتصر على بعض الأفراد بل تكون مؤسساتية، فمستثمرو الأسهم في الغرب جلهم يأتي عبر المؤسسات والصناديق التي تتولى هذه المهمة نيابة عن صغار المدخرين وكبارهم.
إذا استطعنا أن نشتغل على الأطر المنظمة والمراقبة لأسواق المال بحرفية، وعلى بناء ثقافة الأسهم، فإن باستطاعتنا أن نخلق وعاء استثمارياً قادراً فعلاً على المساهمة في التنمية والبناء، وغير ذلك عبث يبقينا في دائرة الفراغ والتداولات الهشة التي لا يرتقي إجماليها السنوي لمستوى تداولات يومية لشركة واحدة في أمريكا أو الصين أو أوروبا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"