البنوك ما لها.. وما عليها

03:00 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

يزداد الكلام هذه الأيام على البنوك، ويشتد النقد لها، ونحن نقف أمام مفصل تاريخي في اقتصادنا وأعمالنا في مواجهة جائحة كورونا التي لم تكن على شاشة أسوأ سيناريوهات الأزمات التي يمكن أن يتعرض لها العالم أو اقتصاده المتشعب العابر للحدود.
خزائن البنوك في الإمارات ليست خاوية، بل هي ملأى بالأموال، لكن تلك الأموال ليست كافية وحدها لإنقاذ ومساعدة العملاء المقترضين أساساً، أو الذين يحتاجون إلى أموال الآن، لإنقاذ أعمالهم التي أصابها الفيروس وأوقفها ونقلها إلى غرف الإنعاش.
الانتقادات التي وجهها التجار وأصحاب الأعمال للبنوك، أو لنكن أكثر عدلًا لمعظمها، صحيحة فهي «متلكئة» في مساعدة الشركات في هذا الظرف التاريخي، فهناك تباطؤ واضح، وهناك محاولة لتحقيق مكاسب تصل الى حد «الاستغلال» وهناك مساع للاستفادة من فرصة غير متوقعة، وهناك عدم مسؤولية، ومغالاة سعرية في الفوائد، وهناك الكثير الكثير.
لكن في مقابل ذلك، فإن البنوك معها حق في بعض الجوانب أبرزها أنها لا تستطيع تلبية كل طلبات المساعدة، حيث توجد أعمال لا أمل لديها على المدى القصير ولا المتوسط، كما أن إمكانات البنوك مهما عظمت تبقى محدودة، فيما الأموال التي تقرضها عليها التأكد من أنها ستعود إليها، فمن لا يملك ضمانات من المقترضين لا يستطيع الحصول على الأموال هكذا، فتلك الأموال في النهاية تخص مودعين وثقوا بالبنوك للحفاظ على مدخراتهم واستثماراتهم.
البنوك في الوقت ذاته مطالبة بأن تخفف قيودها في الإقراض والتسهيلات ضمن المنطق، والأهم من ذلك أن تكون كلفة الإقراض ضمن الحدود المعقولة لأسعار الفائدة التي وصلت الى أدنى مستوياتها منذ عقود، فلا يعقل أن يكون هناك إقراض بأسعار فائدة «الطفرة».
المرحلة حرجة.. والأزمة عالمية لا بد أن تصيبنا تداعياتها، لكن التضامن المجتمعي والاقتصادي يبقى ضرورة، لأن هذا إرثنا، فالتفكير في تعظيم الفائدة وزيادة الأرباح ليس وقته الآن، ولنعّد أنفسنا في «استراحة محارب» بعد أن حققنا الأرباح تلو الأرباح منذ عقود وعقود، فلا ضرر أن نخرج في عام من دون أرباح ما دام الأمر يتعلق بالحفاظ على تماسكنا استعداداً لمرحلة قادمة من المرجح أن تكون على شكل «طفرة» بعد أشهر من الإغلاقات وتوقف الأعمال.
على شركاتنا ومجتمع أعمالنا وتجارنا أن يعيدوا التفكير أيضاً في خططهم واستراتيجياتهم، فما قبل «كورونا» ليس كما بعده، وليس بالضرورة أن يكون أسوأ فقد يكون أفضل إذا حسبت الأمور بواقعية وعقلانية، لأننا سننتصر على هذه الجائحة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"