الاقتصاد التونسي وأوروبا

03:17 صباحا
قراءة 3 دقائق

أنهى صندوق النقد الدولي دورة مباحثات مع السلطات التونسية بشأن حاجة الاقتصاد التونسي للنمو أسرع مما هو عليه لاستيعاب البطالة وتسريع الاصلاح الهيكلي، إلا أن الصندوق أخذ في الاعتبار عاملاً مهماً يثبط همة الاقتصاد التونسي، هو الوضع الاقتصادي غير المتعافي في أوروبا وأثره السلبي في اقتصادات جنوب المتوسط . لذا تفهم الصندوق تعديل الحكومة لتوقعاتها الاقتصادية والتعجيل بخطة اقتصادية جديدة .

وقلصت الحكومة التونسية أهداف خطتها التنموية 2010-2014 لتعكس التوقعات الاقتصادية بضعف النمو في اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي سوق التصدير الرئيسي لتونس .

ومعروف أن خطط التنمية الخمسية التونسية بدأت في الستينات، وهي مفيدة في تحديد إطار الأهداف الحكومية، رغم أنها تمثل تخطيطاً مركزياً، إلا أنها تتوازى مع دور القطاع الخاص واتجاه اقتصاد السوق، وتم الإعلان عن الخطة الخمسية ال12 قبل النهاية الرسمية للخطة الخمسية السابقة (2007-2011)، ربما بهدف تعديل المستهدف بشكل واقعي أكثر ولتضمين برنامج الرئيس زين العابدين بن علي الذي انتخب لفترة رئاسية جديدة العام الماضي . ويتزامن أمد الخطة التنموية الجدية، بعد التبكير بها، مع نهاية مدة الرئاسة في 2014 أيضاً .

وتستهدف الخطة التنموية الجديدة نمواً للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 .5 في المتوسط للسنوات الخمس . ويزيد ذلك على نسبة النمو السنوي التي تحققت العام الماضي عند 7 .4 في المائة، لكنها تقل كثيراً عن نسبة النمو التي كانت مستهدفة للخطة الخمسية السابقة عند 1 .6 في المائة مع الأخذ في الاعتبار حاجة الاقتصاد التونسي للنمو بنسبة سنوية 6 في المائة على الأقل للحد من البطالة في البلاد .

وتشمل أهداف الخطة الجديدة أن يتوزع النمو بنسبة 70 في المائة من قطاع الخدمات ونحو 25 في المائة من الصناعة و5 في المائة فقط من القطاع الزراعي . وتستهدف الخطة زيادة النشاط الاقتصادي المعتمد على المعرفة والتكنولوجيا بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2014 مقابل نسبة نمو 25 في المائة حالياً، كما تستهدف الخطة التنموية زيادة دخل الفرد إلى 8300 دينار تونسي (5685 دولاراً) بحلول عام 2014 مقابل 5150 ديناراً حالياً . على أن توفر الخطة على مدى السنوات الخمس 415 ألف فرصة عمل بما يخفض معدل البطالة إلى نسبة 6 .11 في المائة بحلول عام 2014 من معدل 7 .14 في المائة في عام 2009 .

وكي تتحقق تلك الأهداف، تطمح الخطة إلى أن يصل معدل الاستثمار في الاقتصاد في نهايتها إلى نسبة 26 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على أن يكون 60 في المائة من تلك الاستثمارات من القطاع الخاص . وتصل نسبة الاستثمارات الآن إلى 24 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي .

أما الاستثمار الأجنبي المباشر المستهدف في فترة الخطة فهو 25 .3 مليار دينار سنوياً، مقارنة مع 64 .2 مليار سنوياً في السنوات الخمس 2004-2009 .

كما تقدر الخطة الحفاظ على نسبة العجز في الميزانية أقل من مستوى 7 .2 في المائة وخفض الدين العام إلى نسبة 4 .40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي .

والملاحظ أن الاقتصاد التونسي يشهد تحسناً ملحوظاً مؤخراً، إلا أن الوضع الاقتصادي المتردي في أوروبا كان له أثره السلبي في الاقتصاد التونسي باعتبار أوروبا الشريك الأكبر لتونس اقتصادياً، سواء كالسوق للصادرات أو مصدر تنشيط لقطاع الخدمات عبر السياحة وغيرها . وتراجع النمو في الاقتصاد إلى 3 في المائة العام الماضي نتيجة هبوط الصادرات . وتراجعت عائدات السياحة في النصف الأول من هذا العام بنسبة 1 في المائة لتصل إلى 4 .1 مليار دينار . وربما تستمر الحكومة في تنشيط الاقتصاد عبر الإنفاق العام المتزايد .

قد يكون تعديل السلطات في تونس لتوقعات النمو الاقتصادي بالخفض عاملاً مفيداً في ضبط السياسة الاقتصادية لإدارة الاقتصاد حسب متطلبات أكثر واقعية، لكنه لن يغير كثيراً في مجريات الأمور . إذ إنه، وحتى الآن خلال ،2010 يشهد الناتج الزراعي هبوطاً بسبب ندرة الأمطار في الموسم الأخير . ومن شأن ذلك الهبوط أن يحيد أي نمو في القطاع الصناعي أو الخدمي، إلا أن تعويض ذلك بالاستثمارات الخارجية ممكن، وإذا كانت تونس تخطط لعمليات طرح جديدة في قطاع الاتصالات فقد يجلب ذلك استثمارات خارجية معقولة . ويبقى أن أرقام الخطة التنموية الجديدة المعدلة أقرب لواقع الأمور من التقدير السابق .

* خبير اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"