البنوك الخليجية وضعها أفضل نسبياً

02:28 صباحا
قراءة 4 دقائق

كما تأثرت اقتصادات دول المنطقة بالأزمة الاقتصادية العالمية، تأثر القطاع المالي بأزمة الانكماش الائتماني العالمية من ناحية وبتبعات تراجع النمو الاقتصادي من ناحية أخرى . وفيما تعلن البنوك الرئيسية في العالم أرباحها الفصلية للربع الأخير، متضمنة أخباراً سلبية في الأغلب عن خسائر وانهيار أرباح، تحظى البنوك الخليجية بوضع جيد نسبياً لاعتبارات عديدة في مقدمتها طبيعة الاقتصادات التي تعمل فيها ومدى تأثرها بالأزمة الاقتصادية العالمية . وعلى الرغم من انكشاف تلك البنوك، مثل غيرها، على أزمة الانكماش الائتماني العالمي إلا أنها استفادت من نمو معقول في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وتراكم فوائض جيدة لديها من فترة ارتفاع اسعار النفط . وظلت البنوك الخليجية منذ بداية الأزمة العالمية تتمتع بسيولة جيدة نسبياً ومستوى رأسمال سليم إلى حد كبير . وإن كان ذلك لم يمنع انه مع منتصف فترة العامين الماضيين من الأزمة، عانت تلك البنوك بدرجات متفاوتة من مشكلة التخلف عن سداد الديون والسندات في بعض أرجاء المنطقة والتي يظل حجمها بكافة المعايير أقل نسبياً من نظيرتها في أنحاء العالم .

وتولي مؤسسات التصنيف الائتماني الرئيسية في العالم اهتماماً خاصاً للقطاع المصرفي الخليجي وتطوراته، وتضعه تحت مجهر دقيق . ففي الأشهر الستة الأخيرة، أجرت مؤسسة ستاندرد اند بورز على سبيل المثال أكثر من خفض للتصنيف الائتماني لبنوك في المنطقة، آخذة في الاعتبار عدة عوامل منها الوضع الرأسمالي لتلك البنوك وتوقعات المساعدة الحكومية، وكذلك الانكشاف على ديون رديئة أو معدومة . ومن بين نحو 30 بنكاً مسجلاً للتصنيف لدى المؤسسة، تم تخفيض التصنيف الائتماني لنحو الثلث تقريباً على المدى الأشهر الماضية .

لكن ذلك لم يهز من الثقة في القطاع المصرفي الخليجي، وإن تباين الأداء بين بنوك دول المنطقة التجارية والاستثمارية . ولعل المشكلة الأساسية التي أدت إلى نتائج سلبية في قطاع المصارف الخليجية هي مشكلة الديون الرديئة وتخلف الشركات عن سداد مستحقات مالية، وكانت أبرزها حالة مجموعة سعد والقصيبي السعودية وشركة نخيل التابعة لدبي وورلد في الإمارات . ولفت ذلك الانتباه من جانب مؤسسات التصنيف والأسواق والمستثمرين إلى أهمية التدخل الحكومي للمساعدة، ومستقبل تمويل الكيانات المرتبطة بالحكومات في المنطقة .

وفي الآونة الأخيرة اصدرت عدة مؤسسات تقارير حول قطاع المصارف في الخليج، لعل من أهمها ما صدر عن وحدة تحليل المعلومات بالايكونوميست EIU، وركز أساساً على القطاع المصرفي السعودي . وخلص التقرير إلى أن البنوك السعودية لم تتأثر كثيراً بأزمة انهيار مجموعة سعد والقصيبي، رغم أن تبعات تلك الأزمة طالت بنوكاً أخرى في بقية دول مجلس التعاون الخليجي . ويدلل التقرير على ذلك بأن مؤسسة النقد السعودية (البنك المركزي) لم تر حاجة لتدخل نقدي إنقاذي قوي لإقالة البنوك في المملكة . فيما كان التدخل الحكومي لإنقاذ المصارف سمة أساسية في قطر مثلاً، التي تدخلت حكومتها بمبالغ كبيرة لإنقاذ مصارف في البلاد . وتشير تقارير كثيرة أيضاً إلى تدخل الحكومات في الإمارات والكويت، عبر خطط انعاش اقتصادي رسمية معلنة، استفادت منها بالأساس البنوك العاملة في البلاد لتفادي الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية وأزمة الانكماش الائتماني العالمي .

وفي تقرير لها حول أداء المصارف الخليجية العام الماضي وتوقعاتها للمستقبل، قالت مؤسسة ستاندرد اند بورز إن مشكلة الديون الرديئة تظل العقبة الأساسية امام تحسن أداء المصارف الخليجية رغم التوقعات الإيجابية لتحسن أداء اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي في المدى القصير . وخلص التقرير إلى توقع أن تصل مشكلة الديون الرديئة إلى قمتها بحلول منتصف العام الجاري، على أن تبدأ في الخفوت بنهاية العام .

وقال أحد واضعي التقرير، إن هناك تبايناً متزايداً بين جودة الوضع الائتماني للبنوك في منطقة الخليج، من البنوك السعودية والقطرية الجيدة إلى البنوك الضعيفة في دبي والكويت والبنوك الاستثمارية في البحرين . وإنه على الرغم من التفاؤل بحذر بشأن تحسن الأوضاع الاقتصادية الخليجية، إلا أنه لا يمكن استبعاد اجراء المزيد من التصنيفات الائتمانية السلبية في المدى القصير . ويعتقد المحللون بأن تنقية دفاتر البنوك الخليجية من الديون الرديئة لم يتم نهائياً بعد . فعلى مدى نصف العام الأخير ارتفع معدل الديون الرديئة بشكل واضح مقارنة بإجمالي الديون . فمع نهاية سبتمبر 2009 وصلت نسبة الديون الرديئة من إجمالي الديون إلى 4 .5 في المائة، مقارنة بنسبة 7 .2 في المائة ينهاية عام 2008 . في الوقت نفسه تراجعت تغطية الديون الرديئة من مخصصات خسائر الديون إلى 7 .86 في المائة مقابل 3 .151 في المائة في الفترة نفسها .

ومن المؤشرات على تحسن أداء البنوك الخليجية في الفترة المقبلة، ما أقرته حكومات دول المنطقة من انفاق عام سيزيد من فرص البنوك التجارية في التمويل والتعامل بما يمكنها من إصلاح الخلل في دفاترها وكشوفها المالية . وكما يشير تقرير الايكونوميست، على سبيل المثال، اقرت السعودية ميزانية توسعية تتضمن 540 مليار ريال من الانفاق العام، بزيادة في الانفاق على المشروعات بلغت نسبتها 7 .13 في المائة . ومن شأن ذلك، إلى جانب مشروعات الانفاق العام في بقية الدول الخليجية، ان يوفر سوقاً للتمويل والتعامل لبنوك المنطقة تسهم في تجاوزها الأزمة بشكل جيد .

* باحث اقتصادي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"