البورصة والاقتصاد الكلي

03:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

ظلت البورصة أو سوق الكويت للأوراق المالية، تعاني من الوهن معظم الأيام منذ بداية العام، وتتراوح قيمة التداولات اليومية منذ بداية أغسطس/آب الحالي، والذي يصادف شهر رمضان، ما بين سبعة إلى عشرة ملايين دينار، لا شك أن هذا الأداء، واستمرار تدني أسعار الأسهم يؤكد أن أوضاع البورصة ليست على ما يرام، وأهم ما يتسم به الأداء خلال هذه الفترة الطويلة، منذ بداية العام، هو الافتقار إلى السيولة المناسبة التي يمكن أن تحرك الأمور في البورصة من خلال اقتناعات مهمة وواضحة . لكن هل يعكس أداء البورصة الوضع الاقتصادي العام في البلاد؟ لا شك أن الكثير من مؤسسات القطاع الخاص تعاني من تراجع المبيعات والإيرادات وتدني معدلات التشغيل خصوصاً في القطاعات الأساسية مثل العقار والصناعات التحويلية والخدمات ويمكن لهذا الأداء غير المواتي أن ينعكس سلبياً على أداء العديد من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية التي تتأثر بهذه الأوضاع .

لكن مقابل ذلك يمكن القول إن الاقتصاد الكويتي يعتمد على دور الدولة بشكل رئيسي حيث إن الدولة لا تزال متمكنة بإيراداتها الكبيرة من مبيعات النفط، كما أن حجم الإنفاق العام المتناهي يعزز من مداخيل العديد من المؤسسات الخاصة والأفراد ويعزز القدرة على الاستهلاك، وغني عن البيان أن معدل النمو الاقتصادي يعتمد بشكل كبير على مداخيل النفط ونموها وعلى الإنفاق الحكومي المهم في البلاد .

بيد أن أداء البورصة يعتمد، أيضاً، على أوضاع الشركات المدرجة، حيث إن العديد من هذه الشركات لا تزال تعاني من أزمة مديونية وتجد الكثير من هذه الشركات أنها معسرة وغير قادرة على مواجهة التزاماتها . وتعاني شركات الاستثمار أوضاعاً غير سوية وتواجه التزامات مهمة تجاه النظام المصرفي،

وقد تمكنت شركات من معالجة أمورها وإعادة جدولة التزاماتها بعد التوافق مع الدائنين من بنوك محلية وأجنبية، لكن هناك شركات أخرى ما زالت غير قادرة على معالجة أوضاعها، ولم تتمكن من ترتيب توافقات مع الدائنين، بل أكثر من ذلك أن العديد من هذه الشركات لم تدفع بياناتها إلى سوق الأوراق المالية منذ زمن طويل .

أما شركات القطاع العقاري، وإن كانت العديد من هذه الشركات متماسكة، إلا أن التزامات الديون لا بد أن تبرز قريباً بعد أن تأكد تشبع السوق بمساحات كبيرة من المكاتب في ظل زيادة المعروض منها، ولذلك فإن إيرادات الإيجار لن تكون كافية لمواجهة التزامات سداد خدمة الديون، وقد يكون ذلك سبباً، أيضاً، في تراجع القيمة الفعلية لهذه العقارات، قد يساعد قرار الحكومة تخصيص مليار دينار لشراء عدد من هذه العقارات لحساب محفظة تابعة للهيئة العامة للاستثمار إلا أن ذلك لا يعني أن السوق سوف يتعافى على أسس طبيعية وتقليدية، هذه الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية لا بد أن تتراجع أسعار أسهمها على المدى القصير بما يخلق مشكلات في عمليات رهن الأصول من أجل الحصول على تمويلات جديدة، وهكذا يمكن أن نزعم بأن الاقتصاد الكويتي وإن ظل معتمداً على إيرادات النفط، وهي إيرادات مهمة تفيض عن احتياجات الإنفاق العام، بالرغم من كبر حجمه، إلا أن التأثيرات في وحدات القطاع الخاص لا تزال متواضعة، أو على الأقل بطيئة . . كل ذلك لا بد أن يؤدي إلى تراجع أداء سوق الكويت للأوراق المالية .

* باحث اقتصادي كويتي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"