يتساءلون: هل هو مصلح أم مخرّب؟

02:55 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

تعتري المراقبين السياسيين والمتابعين منهم لأقوال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حالة من الحيرة تدفع بعضهم إلى التساؤل: هل يعمل على إصلاح سياسة بلاده، أم يسعى إلى تخريبها؟ وهو تساؤل له ما يبرره من خلال ما تتضمنه بعض التصريحات، وما تتضمنه الأفعال. إن ما يقوله الرئيس ترامب عن سحب القوات الأمريكية من بعض المناطق الساخنة، وما يشير إليه بأن الولايات المتحدة ليست شرطي العالم، إنما يبدأ بذلك خطوة إصلاحية غير مسبوقة في التاريخ الحديث للدولة العظمى.
وسوف يترتب عليها الكثير من الأحداث اللاحقة، كما أن تصريحاته التي يؤكد فيها خطأ الإزاحة بالقوة لنظاميّ كل من صدام حسين، والقذافي، وإشارته إلى ما أعقب هذه الإزاحة من فوضى في البلدين، ومن ضياع للسيادة، وتعريضهما للتفتت تحت مسميات مختلفة، كل ذلك يعد تحولاً خطيراً في السياسة الأمريكية.
ويمكن القول إن الرئيس ترامب يعاني مشكلتين أساسيتين في مواقفه. الأولى تبدو واضحة في تناقضاته وعدم الثبات على موقف واحد في كثير من القضايا السياسية، سواء منها تلك التي تتصل بعلاقة بلاده بأوروبا وروسيا من جهة، وبالكوريتين الجنوبية والشمالية، من جهة ثانية.
أما مشكلته الثانية فهي في موقفه المنحاز مع الكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين العربية بقوة الحديد والنار، وبدعم غير محدود من الولايات المتحدة في عمل غير إنساني ولا أخلاقي، ويتنافى مع كل القوانين والأعراف الدولية والاجتماعية، وحتى الآن لم تقترب إصلاحات ترامب من هذا المجال، بل ارتكب في حق هذه المأساة أكبر قضية لم يجرؤ على القيام بها سابقوه، وهو قراره بنقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس وهو ما يجعله يبدو أكثر تعاطفاً واندفاعاً إلى صانعي المأساة من كل رؤساء الولايات المتحدة في العصر الحديث.
إن أكبر عبء مادي ومعنوي تعاني تبعته الولايات المتحدة الأمريكية هو في قناعتها بأن تكون وصية غير إنسانية على الكيان الصهيوني، وهذا ما كان ينبغي أن يلتفت إليه الرئيس ترامب في رؤيته الإصلاحية -إن كانت كذلك- رؤية إصلاحية تتدارك أخطاء وخطايا السياسة التقليدية لبلاده.
ويلاحظ أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة يتخذ موقفاً عدائياً من ترامب، يبدو ذلك من خلال مواقف اللوبي الاقتصادية والسياسية، ومن خلال صحافته التي تشن حرباً شَعواء على الرئيس ترامب ومواقفه.
إن الأنظار تتجه إلى ما يتخذه هذا الرئيس، أو بالأحرى ما ينوي اتخاذه من إجراءات إصلاحية، والعالم يأمل أن يشمل برنامجه القادم شيئاً عن عبء الكيان الصهيوني، وخطورة التمادي في الدعم غير المحدود لهذا الكيان العدواني المكلف.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"